أكبر صندوق بريطاني للتقاعد يقاطع الاحتلال: بيع الأصول الإسرائيلية

09 اغسطس 2024
تظاهرة في لندن تضامناً مع غزة، 4 أغسطس 2024 (Getty)
+ الخط -

باع أكبر صندوق تقاعد في القطاع الخاص في بريطانيا 80 مليون جنيه إسترليني (102 مليون دولار) من الأصول الإسرائيلية رفضاً لانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد الفلسطينيين، لينضم إلى موجة من صناديق التقاعد العالمية التي تبيع الأصول الإسرائيلية، بما في ذلك أكبر صندوق تقاعد في النرويج KLP.

وقال شخصان مطلعان على الأمر لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، أمس الخميس، إنّ صندوق التقاعد الجامعي (USS) الذي تبلغ قيمته 79 مليار جنيه إسترليني (الجنيه = 1.27 دولار)، والذي يضم أكثر من 500 ألف عضو، قلل "بشكل ملموس" من تعرضه للاستثمارات الإسرائيلية بما في ذلك الديون الحكومية والعملة الإسرائيلية في الأشهر الستة الماضية. وقال الشخصان إنّ برنامج معاشات التقاعد الجامعي بدأ في بيع الأصول الإسرائيلية من محفظة السندات والعملات في مارس/ آذار.

وجاءت خطوة بيع الأصول الإسرائيلية بعد ضغوط متواصلة من جانب أعضاء صندوق التقاعد، الذين أعربوا عن قلقهم إزاء سجل إسرائيل في مجال حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ويتألف معظم أعضاء صندوق التقاعد الجامعي من العاملين في قطاع التعليم العالي، بمن فيهم المحاضرون في جامعات مرموقة مثل أكسفورد وكامبريدج. وفي تقريره السنوي الأخير الذي نُشر الشهر الماضي، قال الصندوق إنه "يتحمل واجباً قانونياً بالاستثمار في أفضل المصالح المالية لأعضائه والمستفيدين منه".

أسباب بيع الأصول الإسرائيلية

وفي ذلك الوقت، قال الصندوق إنه قلّص تعرّضه للشرق الأوسط "رداً على المخاطر المالية التي أصبحت واضحة". وفي الماضي، تراجع صندوق التقاعد أيضاً عن الاستثمار في التبغ والتصنيع وتعدين الفحم الحراري.

وقال اتحاد الجامعات والكليات (UCU)، الذي يمثل أعضاء صندوق التقاعد الجامعي، إنه أثار مخاوف مع الصندوق بشأن استثماره في الشركات المدرجة على قائمة مراقبة الأمم المتحدة لأولئك الذين ينتهكون القانون الدولي.

وقالت المسؤولة في اتحاد الكليات والجامعات دولي هارت: "نحن نرحب بما فعلوه بالتخلص من سندات الحكومة الإسرائيلية والعملة، ولكننا نريد منهم أن يذهبوا إلى أبعد من ذلك ويتخلصوا من الشركات التي تدعم الحكومة الإسرائيلية في حربها على غزة".

وتأتي خطوة صندوق التقاعد في أعقاب خطوة مماثلة اتخذتها صناديق تقاعد عالمية كبرى أخرى سحبت استثماراتها من إسرائيل بعد ضغوط من الأعضاء.

صندوق التقاعد النرويجي

وفي يونيو/ حزيران الماضي، أعلن أكبر صندوق تقاعد في النرويج أنه قرر سحب استثماراته من مجموعة "كاتربيلر" الأميركية بسبب احتمال أن يكون الجيش الإسرائيلي يستخدم معدّاتها في الحرب على غزة. وقالت رئيسة الاستثمارات في صندوق "كي إل بي" (Kommunal Lands pensjonskasse (KLP)) كيران عزيز في بيان: "لفترة طويلة، زوّدت كاتربيلر جرافات ومعدات أخرى استُخدمت لهدم منازل فلسطينية وبنية تحتية لتمهيد الطريق أمام المستوطنات الإسرائيلية".

وأضافت: "يُزعم أيضاً أن معدات الشركة تُستخدم من قبل القوات الإسرائيلية في ما يتعلّق بحملتها العسكرية في غزة عقب هجوم حماس في السابع من أكتوبر من العام الماضي". وبسبب ذلك، "قد تساهم الشركة الأميركية في انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاك القانون الدولي في الضفة الغربية وغزة".

وقال صندوق التقاعد النرويجي إنّه "قرر استبعاد الشركة من استثماراته بما أنها عاجزة عن تقديم تأكيدات بأنها تفعل شيئاً في هذا الصدد". وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال "كي إل بي" إنه يمتلك أسهماً في شركة كاتربيلر بقيمة 728 مليون كرونة (68,6 مليون دولار) وقد باعها أخيراً. ويدير الصندوق أصولاً تصل قيمتها إلى 90 مليار دولار تقريباً. وفي إبريل/ نيسان 2021، سحب الصندوق استثماراته من شركات مرتبطة بمستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية، بينها عملاق المعدات الإلكترونية موتورولا.

وسبق أن اتخذ صندوق الثروة السيادي في النرويج قرارات في السنوات الماضية بسحب استثماراته في شركات مرتبطة بمستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية، لكن الضغوط هذه الفترة تتزايد على الصندوق لاتخاذ خطوات أكثر تأثيراً في إطار الضغط على الاحتلال الإسرائيلي. والنرويج، التي ساعدت في التوسط في اتفاقات أوسلو في التسعينيات، واحدة من أشد منتقدي إسرائيل والحرب الحالية. وفي مايو/ أيار الماضي، كانت من بين ثلاث دول أوروبية اعترفت بدولة فلسطين.

صناديق التقاعد الدنماركية

وفي فبراير/ شباط الماضي، أعلن صندوق التقاعد "فيلليف" (الحياة الجيدة)، ويضم 420 ألف عضو، سحب استثماراته من 11 بنكاً في إسرائيل، والتي تصل إلى أكثر من سبعة آلاف سهم من الاستثمارات في بنوك الاحتلال، وبرر قراره سحب الاستثمارات بسياسات وتوجيهات أوروبية وللأمم المتحدة تتعلق بعدم الاستثمار، حيث تثار شكوك عن انتهاكات لحقوق الإنسان.

ومنذ سنوات، أصدر الاتحاد الأوروبي توجيهات تتعلق بتطبيق سياسات "الاستثمار المستدام"، الذي يفرض على الشركات والصناديق التقاعدية المستثمرة تقديم تقارير عن التزامها ببعض معايير تلك الاستدامة، والتي تربط مباشرة بسياسات المناخ والظروف الحقوقية.

وكان "بنشيون دنمارك"، وهو أحد أكبر صناديق التقاعد في الدنمارك، قد سحب استثماراته من بنوك إسرائيلية قبل بدء الحرب على غزة، والتي وصلت قيمتها إلى 75 مليون كرونة (نحو 10 ملايين يورو)، بناء على تلك الشكوك التي أثارها أيضاً بعض الأعضاء من بين 800 ألف عضو، وخصوصاً حيال إمكانية وصول استثماراته عبر بنوك إسرائيلية إلى أنشطة استيطانية في الضفة الغربية.

كما قام صندوق الاستثمار التقاعدي "بي يبلس" (P+)، الذي يضم 110 آلاف عضو، بسحب استثماراته من إسرائيل، لا سيما من عدة بنوك وشركة إسمنت وأخرى لإنتاج معدات مراقبة تستخدم في الضفة. كما أنّ صندوق التقاعد الصناعي "Industriens Pension" استبعد سبعة بنوك إسرائيلية من استثماراته، في حين أن "بي كي إيه" التقاعدي رشح أربعة بنوك إسرائيلية للإدراج في ما يسمى "قائمة الاستبعاد".

المساهمون