كابوس تناقص عدد الناقلات النفطية يتكاتف مع أزمة الشحن التجاري في البحر الأحمر ليقضّ مضاجع تجار النفط خلال العام الجاري. ولا يستبعد محللون أن تشهد أسواق النفط أزمة في عمليات تسليم الشحنات في مواعيدها، خاصة في السوق المستقبلية.
وكانت هجمات الحوثيين على الشحن التجاري في البحر الأحمر سبّبت تحويلات واسعة النطاق في تجارة النفط العالمية.
وبحسب تقرير بوكالة "بلومبيرغ" اليوم الأحد، من المقرر أن تنضم ناقلتان عملاقتان إلى أسطول الناقلات النفطية في عام 2024، وهو أقل عدد من الإضافات منذ ما يقرب من أربعة عقود، وأقل بحوالي 90% من المتوسط السنوي لهذه الألفية.
وبدأت أسعار إيجار الناقلات النفطية يرتفع، مما سيقود تلقائياً إلى ارتفاع أسعار النفط، وذلك بسبب طول الرحلة عبر رأس الرجاء الصالح بعد التحول عن البحر الأحمر وتراجع سعة الناقلات المتاحة. وظلت أسعار النفط تحت السيطرة العام الماضي مع خفض "أوبك" للإنتاج النفطي.
وفي هذا الصدد، قال الرئيس التنفيذي لشركة "يورو ناف إن في"، ألكسندر سافريس، في مكالمة هاتفية مع "بلومبيرغ"، حول الأرباح: "يمكن رؤية تأثير عمليات تحوّل الناقلات من البحر الأحمر كل يوم في مجال الشحن عامة، وأود أن أقول إن شحن ناقلات النفط الخام والمنتجات البترولية على وجه التحديد يواجه في هذا الشهر عدداً قليلاً من عمليات التسليم الجديدة.. وقد تقلص عدد الناقلات الجديدة التي يتم تسليمها للشركات كثيراً".
وفي حين بدأت السفن التجارية الأخرى، خاصة سفن الحاويات، في تجنب البحر الأحمر بعد وقت قصير من بدء الهجمات في نوفمبر/ تشرين الثاني، كانت ناقلات النفط والوقود أبطأ في تنفيذ الابتعاد، ولكن ذلك تغير الشهر الماضي، بعد أن قصفت القوات الأميركية والبريطانية اليمن في محاولة لوقف الهجمات الحوثية على السفن.
ورغم ذلك، لم توقف التدخلات العسكرية هجماتِ الحوثيين على السفن، بل أدت بدلاً من ذلك إلى ابتعاد العديد من كبار مالكي الناقلات في العالم عن تأجير ناقلاتهم.
وقال مدير الأبحاث في شركة "بانشيرو كوستا" لخدمات الشحن، إنريكو باجليا: "الوضع صعب في سوق الناقلات، خاصة لناقلات النفط الخام، وربما ستزداد الصعوبة أكثر في المستقبل".
ويأتي النقص في الناقلات مع تعثر كفاءة الأسطول العالمي من الحاويات البترولية، بالإضافة إلى أن العديد من السفن باتت تبحر حول جنوب أفريقيا بدلاً من البحر الأحمر وقناة السويس، ومن ثم إن عدداً قليلاً من السفن متاح لعملاء محددين فقط.
والشحن البحري معروف بدورات ازدهاره وكساده، إذ شهد فترة من الازدهار في عام 2020، عندما كان تجار النفط يخزنون النفط في البحر على أي سفينة يمكنهم العثور عليها بسبب انهيار الأسعار، إذ ارتفع متوسط دخل الناقلة إلى حوالي 100 ألف دولار في اليوم، قبل أن تؤدي تخفيضات الإنتاج اللاحقة من منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها إلى انخفاض أسعار الناقلات.
يقول تقرير "بلومبيرغ": "أصبحت عمليات تسليم النفط عامة تأخذ مدة أطول بسبب المسافات الطويلة عبر رأس الرجاء الصالح، كما أن رحلات ناقلات النفط الروسي التي كانت تستغرق في السابق بضعة أيام عبر بحر البلطيق الآن تستغرق أسابيع للوصول إلى أجزاء أخرى من العالم، بسبب تشديد العقوبات الغربية على الطاقة الروسية".
وأكد المحلل الرئيسي لشحن الناقلات في وكالة "أس آند بي غلوبال كوميدتي"، فوتيوس كاتسولاس: "الوضع في البحر الأحمر يغيّر أساسيات السوق، وهو يعمل لمصلحة مشغلي السفن".
وبعد الناقلتين العملاقتين اللتين انضمتا إلى الأسطول هذا العام، سيكون هناك خمس ناقلات فقط في عام 2025، وفقاً لبيانات من شركة "بانشيرو كوستا"، وذلك بالمقارنة مع 42 سفينة جرى تسليمها في عام 2022.
وعلى الرغم من الزيادة الأخيرة في طلبيات بناء الناقلات، يستغرق الأمر سنوات حتى تصل عمليات البناء إلى مرحلة التسليم، حيث تمتلئ أحواض بناء السفن حالياً بسفن الحاويات التي طلبت أثناء الوباء، بالإضافة إلى طلبات ناقلات الغاز الطبيعي المسال.
ويشير تقرير "بلومبيرغ" إلى أن لدى شركة "فورنت لاين"، أكبر مالك لناقلات النفط في العالم، 12 توصية شراء لناقلات بترول، كما أن لدى شركة International Seaways Inc، إحدى الشركات العشر الأوائل في نقل الشحنات النفطية، 11 توصية شراء.
وقال باجليا من "بانشيرو كوستا": "بالنظر إلى دفتر الطلبات المحدود، والأسطول الحالي المتقادم، وكمية الحمولة التي تجاوزت الحد الأقصى بالفعل، وتأثير اللوائح البيئية في القطاع، ستكون السوق جيدة لأصحاب الناقلات، ولكنها خطرة لتجار النفط".