أسماء الأسد... تشدّد قبضتها على الاقتصاد السوري عبر التسلل لقطاعات جديدة

10 ابريل 2023
أسماء الأسد (Getty)
+ الخط -

منذ تفكيكها "إمبراطورية" رجل الأعمال السوري محمد مخلوف، المالية، واستصدار قرار الحجز على أموال رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام بشار الأسد، في 19 مايو/ أيار 2020، بذريعة عدم دفع مستحقات خزينة الدولة، اتجهت أسماء الأسد، زوجة رئيس النظام إلى تعزيز قبضتها على العديد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية، ووضعت يدها على جمعية مخلوف الخيرية "البستان" وكبرى الشركات المالية والإنتاجية والخدمية "سيريا تيل، شام القابضة، راماك".
لا تكتفي أسماء الأسد بهذا الدور وحيازة إمبراطورية استثمارية، بل بات لها دور كبير في القرار الاقتصادي بسورية بشكل واضح، وإن كان عبر مجلس اقتصادي سري.
يأتي ذلك، بعد أن جذبت الأضواء، كما يقول سوريون، في أغسطس/ آب 2018، جراء مزاعم إصابتها بسرطان الثدي، ومن ثم إعلان شفائها في أغسطس عام 2019، وظهرت منذ عام 2016 مدافعةً عن إرث آل الأسد، وتواصلها مع جرحى الجيش والعائلات المنكوبة بمدن الساحل السوري.
وكانت السيدة الأولى للنظام تستهدف الاقتصاد منذ وصولها إلى سورية، كما أفاد رجال أعمال لـ"العربي الجديد"، وكانت وراء مرسوم بشار الأسد رقم 28 لعام 2001، الخاص بالسماح بتأسيس مصارف خاصة لأول مرة في تاريخ البلاد، التي بدأت على الأرض عام 2004، باعتبار أنّ تخصص أسماء الأسد، المصارف. تابعت، منذ ذاك الحين، تغلغلها في الاقتصاد السوري والعمل المصرفي والعقاري ورسم السياسات المالية وتعيين لجان حماية الليرة، وإن عبر آل العطري والأخرس.

ولدت أسماء فواز الأخرس في 11 أغسطس 1975 في العاصمة البريطانية لندن، حيث درست علوم الكمبيوتر في "كلية الملك بجامعة لندن" وتخرجت عام 1996، قبل أن تتوجه للعمل المصرفي والتدريب بالبداية في نيويورك، بمصرف دويتشه بنك الألماني، ثم في مصرف جي بي مورغان، ليخطبها بشار الأسد عام 1999 ويتزوجا في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2000، ولهما من الأولاد، حافظ (مواليد 2001) وكريم (2004) وابنة واحدة هي زين ولدت في 2003.
يؤكد مراقبون أن أسماء اعتمدت، بالاتفاق مع زوجها، على تفكيك هياكل الاقتصاد السوري، عبر إبعاد من يمكن تسميتهم "البرجوازية الوطنية" واستبدالهم بـ"حديثي النعمة ومطلقي الولاء"، سواء بالقطاع غير الحكومي (غرف التجارة والصناعة والزراعة)، أو بالمراكز المالية والاقتصادية الحكومية الحساسة (مصرف سورية المركزي، المصارف الحكومية، الوزراء، إدارة الجمارك) بالتوازي مع اقتلاع عائلة محمد مخلوف واسترداد أموال "آل الأسد" التي سبق أن قدرتها الخارجية الأميركية بملياري دولار، ليبدأ عهد مصداقية أسماء الأسد في أوساط الأعمال، مع ضرب رامي مخلوف الذي كان من أهم المسيطرين على الاقتصاد السوري، مع التشديد على أنّها تحمل مشروعاً تنموياً شفافاً، بحسب مراقبين.
لكن بداية التسلل لأسماء الأسد، في الاقتصاد والمجتمع السوريين، كانت منذ يوليو/ تموز 2001، حين أسست الصندوق السوري لتنمية الريف "فردوس" الذي استهدف احتضان المبادرات المجتمعية وساعد بتأسيس شركات صغيرة، بتمويل مصرفي ودعم المجتمع المدني، ليتحول "فردوس" وغيره من المؤسسات التي تديرها أسماء، وإن عبر أشخاص آخرين، في عام 2007 إلى "الأمانة السورية للتنمية" التي أصبحت، بحسب مصادر، لـ"العربي الجديد"، شركة كبيرة متعددة المهام والوظائف، من علاقات عامة مع الغرب وتسويق النظام، بخاصة بعد الثورة.

لكنّ اليد الضاربة لأسماء الأسد، وفق المصادر، كانت بعد تهالك الاقتصاد السوري وتهاوي سعر صرف الليرة وهروب المستثمرين ما بعد عام 2016، إذ شكلت زوجة الأسد ما يُسمى "المكتب الاقتصادي السري" التابع للقصر الرئاسي، والذي تترأسه أسماء عملياً ويضم كلاً من: مدير مؤسسة الأمانة السورية للتنمية، فارس كلاس، ومستشارة رئيس النظام والمسؤولة الإعلامية بالقصر الرئاسي، لونا الشبل، ومنسقة العلاقات الاقتصادية بين القصر الرئاسي والقطاع الخاص، لينا الكنانة، ومديرة مكتب زوجة الرئيس، دانا بشكور، ومدير شركة إيما تيل العائدة لأسماء، خضر علي طاهر، والمستشار الاقتصادي بالقصر الرئاسي ومدير شركات آل الأسد بسورية ولبنان وبريطانيا والإمارات، يسار إبراهيم.

وقرارات المجلس السري عام 2019، سواء بالحجز على أموال رجال أعمال سوريين، أو باحتجاز عدد آخر منهم بفندق شيراتون دمشق، ولم يفرج عنهم إلا بعد دفع ملايين الدولارات، أو حتى بحملات الملاحقة واقتحام كبرى الشركات الإنتاجية، بدمشق وحلب، لابتزازها مالياً، كان لها الدور الأهم برفد خزينة الدولة السورية بأموال استمرارها والمصدر الأهم، إلى جانب المخدرات والتهريب. كذلك زادت حسابات بشار وأسماء في المصارف الخارجية، وتوسعت الاستثمارات التابعة لها بالإمارات وبيلاروسيا وروسيا وبريطانيا، بحسب مصادر.
ورغم أنّ أسماء الأسد مدرجة ضمن قائمة العقوبات البريطانية لشخصيات من النظام السوري، وممنوعة من السفر إلى أوروبا، وجُمِّدت ممتلكاتها وأصولها، قبل أن تفرض واشنطن عقوبات أخرى عليها، فإنّها ما زالت موضع استقطاب للأضواء داخلياً وخارجياً، وظهر ذلك خلال زيارتها الأولى بعد الثورة، برفقة رئيس النظام بشار الأسد، لأبوظبي في 19 مارس/ آذار الماضي ولقائها الشيخة فاطمة بنت مبارك، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية.

المساهمون