قفزت أسعار المحروقات في لبنان اليوم الأربعاء بنسبة غير مسبوقة. حيث سُجِّلت زيادة 1600 ليرة لبنانية (1.06 دولار وفق السعر الرسمي) لصفيحة البنزين 95 أوكتان، و1700 ليرة (1.13 دولار) لـ98 أوكتان، فيما ارتفع المازوت 800 ليرة (0.53 دولار)، واستقرّ سعر قارورة الغاز، علماً أنّ الارتفاع كان يتراوح كل أسبوع بين 400 و500 ليرة و800 ليرة كحدٍّ أقصى.
وتعدى سعر صرف الدولار الواحد 9000 ليرة لبنانية اليوم، في حين لا يزال سعر العملة المحلية أمام الدولار عند 1507 رسمياً.
ويلفت ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا، بحديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ أسباب الارتفاع راهناً، غير مرتبطة بمسألة رفع دعم البنك المركزي الدعم عن المحروقات، إنما بارتفاع سعر برميل النفط عالمياً ووصوله الى 64 دولاراً، وفي حال استمرّ بالوتيرة نفسها، سنشهد زيادة كل أسبوع.
في المقابل، يكرَّر أبو شقرا، التحذير من خطورة رفع الدعم عن المحروقات، وتداعياته الكارثية على المواطن اللبناني، إذ بمجرّد حصول هذه العملية ستحلِّق الأسعار عالياً، باعتبار أن لبنان ليس بلداً منتجاً، ولن يتمكّن أحد من تحمّل الزيادة، خصوصاً مع تدني معدّل الأجور، وخسارة قسمٍ كبير من الناس مورد رزقهم من جراء التعبئة العامة وقرارات الإقفال لمواجهة فيروس كورونا.
ويتخوَّف اللبنانيون من رفع الدعم عن السلع والمواد الأساسية ولا سيما المحروقات، القمح والطحين والأدوية، في وقتٍ تشهد البلاد أسوأ أزمة اقتصادية ونقدية، وتسجل ارتفاعاً كبيراً في معدلات الفقر والجوع والبطالة، وتضاءلت القدرة الشرائية عند المواطن في ظلّ فوضى سعر صرف الدولار في السوق السوداء وغياب الرقابة.
وشكّلت مسألة رفع الدعم محطّ اعتراض عند اتحادات ونقابات قطاع النقل البري، الذين يعبّرون في كل مناسبة عن رفضهم التام سواء لرفع الدعم عن المحروقات أو ترشيده، لما لهذه الخطوة من تداعيات سلبية عليهم، ما يحتّم عليهم رفع تعرفة النقل، أو البدل المعتمد، وهو سيناريو لن يلقى أي ترحيب من المواطنين ولا سيما الطبقات الفقيرة التي تعتمد على النقل المشترك.
وحذرت اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في وقتٍ سابقٍ، من أن رفع الدعم عن السلع والمواد الأساسية من شأنه أن يأخذ البلاد الى كارثة اجتماعية خطيرة جداً، لا يمكن السيطرة عليها، أو ردود الفعل الشعبية التي قد تشكل شرارة لإشعال الشارع والبلاد.
وكانت شركة "الدولية للمعلومات" لفتت في تقرير لها، الى أنّ رفع الدعم سيشكل الارتفاع الأكبر على صعيد كلفة النقل، الذي من المقدر أن يصل الى نحو سبعين ألف ليرة لبنانية وأكثر تبعاً لأسعار النفط العالمية.
وعلى الرغم من الأزمات التي تؤدي بالشعب اللبناني الى الانهيار الشامل، ما تزال المناكفات السياسية والخلافات بين القوى التقليدية انطلاقاً من منطق المحاصصة وتقاسم المقاعد الوزارية "الدسمة"، تحول دون تشكيل حكومة جديدة، تضع برنامجاً إصلاحياً شفافاً لوقف الهدر والفساد.