لا تزال وزارة المالية الجزائرية تبحث عن الاستقرار في عهد الرئيس عبد المجيد تبون، فمنذ يناير/كانون الثاني 2020، هبت رياح التغيير على الوزارة أربع مرت، بعد الإقالة الأخيرة المفاجئة لعبد الرحمان راوية في 14 يونيو/حزيران الحالي، فيما تبقى التوقعات تشير إلى توجه الرئيس تبون لإحداث تغيير حكومي واسع مطلع يوليو/ تموز، تزامناً مع الذكرى الـ 60 لاستقلال الجزائر المصادف في 5 يوليو.
وذكرت رئاسة الجمهورية الجزائرية في بيان لها مطلع الشهر الحالي أن "رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وقع مرسوما رئاسيا، يقضي بإنهاء مهام وزير المالية عبد الرحمان راوية، وكلّف الأمين العام لوزارة المالية، بتسيير شؤون الوزارة بالنيابة"، من دون تقديم أي أسباب لإقالة الوزير المُعين شهر فبراير/شباط الماضي، بعدما ظلت الوزارة تسير من خلال رئيس الحكومة أيمن بن عبد الرحمان لعدة أشهر.
وحسب معلومات "العربي الجديد" فإن الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وإسبانيا، عجلت بإقالة راوية، حيث كشف مصدر من داخل الحكومة أن "راوية عارض فكرة تجميد كل عمليات التصدير والاستيراد مع إسبانيا، وهو أثار غضب الرئيس الجزائري الذي سارع لإقالته".
كما كشفت مصادر أخرى مطلعة لـ "العربي الجديد" أن " لتصريحات الأخيرة لوزير المالية المُقال راوية والتي انتقد فيها كيفية تسيير الحكومة لملف استيراد السيارات الجديدة كان مصدر إقالته قبل أن يزيد موقفه من الأزمة مع اسبانيا الطين بلة"، وأضاف المصدر أن "الأصداء في أروقة الوزارة تتحدث عن قرب إجراء تغيير حكومي واسع يمس القطاعات الاقتصادية خاصة، ينتظر أن يقوم به الرئيس مع حلول ذكرى استقلال الجزائر".
وأكد بيان الخارجية الجزائرية الأخير حول الأزمة مع مدريد عدم وجود إجماع حول المسار الذي سلكته الجزائر. فبعد تعليق جمعية البنوك عمليات التصدير والاستيراد، قالت الخارجية الجزائرية إن "قطع العلاقات التجارية بين الجزائر وإسبانيا لا وجود له وهو إجراء مزعوم في بعض الأذهان"، ما يترجم حسب المتتبعين بعدم وجود إجماعٍ أو على الأقل توافق داخل الحكومة الجزائرية.
وسبق للرئيس تبون أن عين عبد الرحمان راوية وزيراً للمالية في يناير/كانون الثاني 2020، في أول حكومة له، وبعد 5 أشهر و20 يوما أقاله الرئيس تبون وعين بدلا منه رئيس الحكومة الحالي أيمن عبد الرحمان الذي ظل يسير الوزارة بالموازاة مع تسيير الحكومة إلى فبراير/شباط 2022، حين عين تبون، عبد الرحمان راوية مجددا على رأس الوزارة، مكلفا إياه بوضع خطة لإصلاح النظام الضريبي وإطلاق ورشة مراجعة سياسة الدعم.
وفي السياق، يرى الخبير المالي والاقتصادي جمال نور الدين أن "الأزمات المالية والعجز المركب الذي تعيشه الجزائر رغم انتعاش مداخيل النفط، أربك السلطات، وجعلها تتردد في اختيار الأسماء لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، اذ لا يعقل أن يسير رئيس الحكومة وزارة المالية لقرابة سنة كاملة".
وسأل في حديث مع "العربي الجديد" عن "مصير الموازنة التكميلية التي ينتظر عرضها على البرلمان قريباً، وإن كانت ستُمرر مباشرة بأمر رئاسي كإجراء استثنائي، وهل ستعتمد الموازنة التكميلية التي وضعها راوية أم تُعدل خاصة في بنود التوسع الضريبي والإصلاح البنكي".