واضح أن الحرب الروسية الأوكرانية بدأت تؤثر سلباً في الأسواق العالمية، وقد بدأ هذا التأثير يمتد إلى السوق المصرية، حيث بكّر البنك المركزي في إقرار رفع سعر الفائدة 100 نقطة أساس تعادل 1%، فقررت لجنة السياسة النقدية، أمس الاثنين، بدلاً من الخميس المقبل، رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي 100 نقطة أساس إلى 9.25% و10.25% و9.75%، على التوالي، كذلك رفعت سعر الائتمان والخصم إلى 9.75%.
وتبع هذا القرار قرار آخر بخفض سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية 11%، ليصل سعر الدولار إلى نحو 17.5 جنيهاً. وفي أقل من ساعة، واصل الجنيه انخفاضه إلى 18.5 جنيهاً، أي بهبوط ناهز 15% خلال يوم واحد.
أما عن الأسباب التي دفعت الحكومة إلى اتخاذ هذه القرارات، فأعتقد أن هناك تخوفاً من خروج الأموال الساخنة من الاقتصاد المصري، ولذلك رفع البنك المركزي سعر الفائدة لإغراء هذه الأموال لعدم الخروج. وخفض سعر الجنيه ليكون عائقاً أمام خروج الدولار من السوق المصرية. فخروج أموال الأجانب سيزيد من الطلب على الدولار، ولذلك خفضت الحكومة المصرية قيمة الجنيه حتى بغرض خفض الطلب على الدولار.
وأخشى أن تؤدي هذه الإجراءات إلى ارتفاع أسعار أغلب السلع، سواء المحلية أو المستوردة، خاصة أننا نقترب من حلول شهر رمضان المبارك، وهو شهر يتميز عادة بزيادة الاستهلاك وارتفاع أسعار عدد كبير من السلع.
فمن المعروف أن الاقتصاد المصري يعاني حالياً من موجة تضخمية، وارتفاع الأسعار قد عصف بميزانية أغلب المصريين، ومنعهم من توفير الحد الأدنى من احتياجاتهم المعيشية.
وتبقى الكرة الآن في ملعب الحكومة لتحافظ على استقرار الأسعار ولا تتركها للانفلات كما حدث مع التعويم الأول عام 2016. وأعتقد أننا بحاجة ماسة لاتخاذ مجموعة من الإجراءات العاجلة من أجل تقليل الآثار السلبية المحتملة لهذه القرارات، ومنها:
- تبكير العمل بالزيادة التي أُقرَّت للعاملين في الدولة، مع حثّ القطاع الخاص المصري على زيادة أجور العاملين لديه، وقد استجابت الدولة فعلياً للجزء الأول، ونأمل أن تستجيب للجزء الثاني.
- تغليظ العقوبات على كل من يتلاعب بالأسعار أو يحاول رفع أسعار سلعه أو حبسها عن التداول في الأسواق بغرض رفع أسعارها مستقبلاً. ويجب أن تشمل هذه العقوبات السجن ومصادرة البضائع التي تُخزَّن، إضافة إلى غرامات مالية كبيرة، بحيث تُجمَع هذه العقوبات، ولا تُعتمَد إحداها فقط.
- كذلك، يجب تعزيز التعاون بين المواطن والحكومة ورجال المال والصناعة والتجار لمنع حدوث أزمات أو نقص في السلع، لتجنب حدوث أي احتجاجات أو مشكلات من شأنها أن تؤثر سلباً في الجميع.