من أبرز التحديات المستقبلية التي تواجه شركات السيارات الاستثمار في تقنيات المستقبل، أن تكون المركبات التي تنتجها متصلة بالإنترنت على الدوام، نظرا للخصائص التي تتطلب ارتباطا دائما بالشبكة العنكبوتية، فيما المصانع منهمكة أصلا في معالجة مجموعة من العقبات مفصلية في محاولتها الوصول إلى سيارات كهربائية أكثر فعالية بأسعار أقل، وإنجاز أُخرى ذاتية القيادة بالكامل قادرة على مراعاة شروط السلامة والأمان عند استغنائها عن السائق البشري.
وقد رصدت مجلة "إنتلجنت ترانسبورت" Intelligent Transport المتخصصة بتقنيات وسائل النقل حول العالم، عدة اتجاهات تؤثر في إرباك صناعة السيارات، بما في ذلك ظهور المركبات ذاتية القيادة، ونمو التنقل المشترك shared mobility وكهربة شبكة المركبات، في حين أن هذه العوامل جميعها قد لعبت دورا رئيسيا في زعزعة استقرار السوق، ومن المحتمل أن يُعزى أكبر اضطراب إلى اتجاه آخر هو "تكنولوجيا الاتصال" بحيث إنه سواء كان الاتصال كاملا أو شبه مستقل، هجينا أو كهربائيا، مشتركا أو شخصيا، فمن المرتقب أن يكون "الاتصال" السمة المميزة في "سيارة المستقبل".
ومن المتوقع أن تتكون السيارة الموصولة بالكامل من نظام بيئي لتقنيات متصلة تمكنها من نقل ومعالجة كميات كبيرة من البيانات أثناء السفر بسرعة عالية، فيما تُعد القدرة على توصيل كمية كبيرة من المعلومات ثنائية الاتجاه ضرورية لدعم الركيزتين الرئيسيتين للاتصال، وهما البنية التحتية ونظام "المعلومات والترفيه" الذي يتألف من مجموعة أنظمة تؤمّن الترفيه والمعلومات داخل السيارة للسائق والركاب، عبر واجهات الصوت والفيديو التي يتم التحكم بها عن طريق شاشات اللمس والأوامر الصوتية.
وتوفر خدمات المعلومات والترفيه فرصة لتكون أحد المصادر الرئيسية للإيرادات الإضافية لصناعة السيارات، بما يمنح مصنعي السيارات المعروفين باسم "الشركات المصنعة للمعدات الأصلية" OEMs، إمكان الوصول إلى مساحات شاسعة من البيانات الجديدة التي يمكن تحقيق الدخل منها من خلال فرص الإعلان المبتكرة.
فعلى سبيل المثال، يؤدي تضمين تقنية "إنترنت الأشياء" (IoT) المتصلة بالمركبات إلى خلق فرصة للشركات لإرسال إعلانات مستهدفة إلى المركبات التي تسافر في المنطقة المجاورة.
كما يمكن تخصيص الإعلانات لكل شخص في السيارة، بما يسمح، مثلا، للمطاعم في محطة خدمة أو متاجر في شارع رئيسي بإرسال عروض مستهدفة لكل شخص في سيارة قريبة بناء على ملف تعريف المستهلك الشخصي.
وقد حدد بحث أجرته المجموعة الاستشارية "ماكينزي أند كومباني" نطاقا متدرجا لإمكانات المعلومات والترفيه.
فمن جهة، ستتمكن المركبات من استخدام الملف الشخصي للسائق للوصول إلى الخدمات على المنصات الرقمية الخارجية، مثل "أندرويد أوتو" Android Auto و"آبل كار بلاي" Apple CarPlay.
ومن جهة أُخرى، تتصور ماكينزي تحول تجربة المستخدم من ردة الفعل إلى "الذكاء والتنبؤ" من خلال استخدام "أنظمة الذكاء الاصطناعي المعرفية".
وستكون هذه الأنظمة قادرة على أداء "مهام اتصالات وتنسيق معقدة للغاية"، مما يخلق تجربة مستخدم سلسة حيث يمكن للركاب والسائقين (للمركبات ذاتية التحكم بالكامل) الاستفادة من وقت السفر لمشاهدة خدمات الترفيه المخصصة، أو إنجاز المهام عبر الأجهزة أو لعقد اجتماعات العمل.
"البنية التحتية"
ويمكن اعتبار اتصال البنية التحتية Infrastructure connectivity على أنه قدرة السيارة على التواصل مع محيطها، بما في ذلك الاتصالات "من مركبة إلى مركبة" V2V، و"من مركبة إلى المارة" V2P، و"من مركبة إلى بنية تحتية" V2I.
وسيكون الاتصال بالبنية التحتية أساسيا للاستخدام الآمن والفعال لأنظمة النقل في المستقبل. وفي حين أنه يؤدي دورا رئيسيا في تسهيل التنقل المشترك واستخدام المركبات الكهربائية، فإنه يمثل حجر الزاوية في تكنولوجيا المركبات المستقلة.
ويمكّن الاتصال من مركبة إلى أُخرى السيارات من التواصل مع بعضها بعضاً على الطريق من أجل مشاركة المعلومات المتعلقة بالسرعة وظروف الطريق وحركة المرور.
فعلى سبيل المثال، قد تستخدم المركبات المستقلة الاتصال من مركبة إلى أُخرى لضبط سرعات السفر بناء على المعلومات التي تحصل عليها من المركبات القريبة، وهذا ما يزيد منسوب السلامة على الطرق.
ويستخدم الاتصال بالبنية التحتية أجهزة استشعار لالتقاط بيانات البنية التحتية لتزويد المسافرين بمعلومات في الوقت الفعلي عن حالة الطريق وازدحام المرور والحوادث ومناطق أعمال الطرق وتوافر مواقف السيارات، من بين العديد من الجوانب الأخرى للسفر.
ومن المتوقع أن يعتمد نظام النقل المكون من مركبات مستقلة تماما على نظام مركزي لإدارة حركة المرور يستخدم البيانات عن بعد التي يتم جمعها بواسطة أشكال الاتصال الثلاثة المُشار إليها، من أجل إدارة مستخدمي الطريق بشكل فعال، وهذا ما من شأنه أن يساعد في تقليل حوادث الطرق وزيادة الاقتصاد في استهلاك الوقود وتسهيل التدفق المستمر لحركة المرور.
وقد يتم تسهيل الاتصال بالبنية التحتية من خلال الأنظمة القائمة على الشبكة، مثل أجيال الخلوي (الثالث 3G أو الرابع 4G أو الخامس 5G) والسحابة (Cloud) و"الواي- فاي" Wi-Fi.