يمثّل المنجز التأليفي للمؤرّخ التونسي هشام جعيّط أحد أكثر المدوّنات العربية ثراءً؛ حيث راوح بين الكتابة التاريخية ضمن اختصاصه في الإسلام المبكّر من خلال أعمال مثل "الفتنة" و"الكوفة: نشأة المدينة العربية الإسلامية"، و"تأسيس الغرب الإسلامي"، إضافة إلى اشتغاله على السيرة النبوية بأدوات علم التاريخ الحديثة، وبين الكتابة حول قضايا راهنة مثل الاستشراق ومعوقات النهضة في أعمال ندكر منها: "أوروبا والإسلام: صدام الثقافة والحداثة"، و"الشخصية العربية الإسلامية والمصير العربي"، و"أزمة الثقافة العربية".
هذا الطيف الواسع من المشاغل أتاح لجعيّط قاعدة قراءة موسّعة، إذ لا يمثّل فقط مرجعاً في مجال اختصاصه التاريخي، بل أيضاً في حقول أخرى مثل الحضارة والأدب والأنثروبولوجيا، ناهيك عن أهمية محاولاته في تأصيل منهجيات العلوم الإنسانية وحسن تطبيقها على مواد الثقافة العربية الإسلامية.
في هذا الإطار، تعدّدت في السنوات الأخيرة الندوات والكتب الجماعية التي تتناول فكر هشام جعيّط، ومن بينها ندوة تقام في السادس من كانون الأول/ ديسمبر المقبل في "دار الكتب الوطنية" بتونس العاصمة، بعنوان: "هشام جعيّط ورهان الفكر التاريخي العربي".
تتضمّن الندوة ثلاث محاضرات، في الأولى يقدّم الباحث فهمي الرمضاني قراءة في كتاب "جدل الهوية والتاريخ"، وهو عمل جماعي رصد فيه باحثون في التاريخ مشروع جعيّط في مجمله، ويُعدّ دراسة في تلقّي فكره على مدى قرابة ثلاثة عقود من الإنتاج.
أما المحاضرة الثانية، فيقدّمها الباحث لطفي بن ميلاد وتحمل عنوان "هشام جعيّط في سياق الفكر التاريخي العربي المعاصر"، فيما يقدّم نادر الحمامي ورقة بعنوان "هشام جعيّط والوعي بالمتخيّل التاريخي".
في نهاية الندوة، يجري تكريم صاحب كتاب "تأسيس الغرب الإسلامي"، كما سيلقي محاضرة بعنوان: "الكتابة التاريخية بين العرب القدامى والمحدثين".