عماد الظاهر: بيت قديم ربما يكون العراق

12 يناير 2019
(من أعمال الظاهر)
+ الخط -

يُختتم، اليوم، معرض النحّات العراقي عماد الظاهر (1964) بعنوان "أنا القديم الجديد" في "غاليري رؤى 32 للفنون" بعمّان، والذي يضم 21 عملاً نحتياً على معدن البرونز المصقول والمؤكسد، كما وظّف فيه الفنان تقنية إعادة التدوير، وأضاف إلى الخامة الأصلية مواد مختلفة مثل البراغي وصنابير المياه ومقابض الأبواب.

يستلهم الظاهر منحوتاته بشكل خاصّ من حضارات العراق القديمة، تُقابلها مفردات ترمز إلى الهجرة والسفر والمنفى، دون أن يغفل الموروث العربي من حروفيات ورموز مثل الخيول والطيور، كما أن أن هناك منحوتات تحتفي بالمرأة.

منذ بداياته في بغداد، حيث درس الفنون الجميلة، مارس الظاهر صناعة التماثيل والمنحوتات وتأثر خلال سنوات الدراسة بأساتذته لا سيما النحاتَين محمد غني حكمت وصالح القره غولي، وفي كل معارضه (أقام إلى اليوم 15 معرضاً فردياً) يميل إلى تقديم أكثر من تجربة بالأسلوب التعبيري في المجموعة الواحدة.

يُعتبر الفنان العراقي، الذي يعيش في أستراليا منذ 2005 بعد أن عاش في الأردن لمدة عشرة أعوام، أن المهجر أثّر على أعماله الفنية من ناحية الأسلوب، والمواد المستخدمة في النحت، إذ بدأ يركّز أكثر على الفكرة وتنوُّع المواضيع، لكنه يرى بأن الأفكار الجديدة ما زالت لا تلقى اهتمام المتلقّي العربي الذي يهتم أكثر بجمالية الشكل.

يقول الظاهر في مقابلة سابقة معه، إنه مع كل أبناء جيله من العراقيين، تحضر في فنّهم ثيمة الاغتراب وهو موضوع متشعب، ينطوي على أسئلة الذات والهوية والوطن والمنفى والترحال والحنين. وفي سياق تمثيل الذات، يعتبر الفنان أن اهتمامه بتجسيد الحصان في أكثر من تجربة خلال السنوات السابقة، هو تمثيل للإنسان العربي، لارتباط الخيل بالذاكرة والتراث والمخيال العربي بالعموم.

في تجسيده الخيول يميل النحات إلى الاحتفاء بحركة النصف العلوي من جسد الخيل، مُخفياً معظم الوقت قوائمها، بحيث لا يبقى منها إلا جذعها، فنراها مرّةً تقف على عاصفة من الحروف العربية، ومرّة أخرى بلا أرجل، معلّقة في الفراغ.

في هذا المعرض، ينحت الظاهر أيضاً الإنسان- الفراشة، حين يَفرد الإنسان جناحَي فراشة من دون أن يحاول الطيران. الأجنحة هشة فيما يشدّ الجسد الإنسان إلى الأرض، وفي ذلك يستعمل تارةً بريقاً ذهبياً للمنحوتة وتارة اللون الفضي الكامد.

نجد أيضاً مجموعة من أقنعة الوجوه؛ بعضها يبدو كما لو أنه في حالة من الذوبان وبعضها يظهر في طور التحوُّل إلى سرب من الفراش. ثمّة قناع مفرد يبدو كما لو أنه وجهٌ متآكل. لكن أكثر ما يلفت النظر فعلاً في المعرض هي منحوتة "الوجه الباب"، وفيها نراه يُجسّد الوجه نحاسياً، في زاويته صنبور مياه، وله مقبض وعلى فمه سياج، كما لو أن الوجه بوّابة خلفها بيت تقليدي قديم، قد تكون الذاكرةَ أو الطفولةَ أو الماضي أو ربما العراق نفسه.

المساهمون