رفضت جامعة "كامبريدج" إعادة قطع أثرية مهمة تعود إلى السكان الأصليين في أستراليا، بعد أن استولى عليها الضابط جيمس كوك (1728-1779) قبل 250 عاماً، والذي تصفه كتب التاريخ البريطاني بالمستكشف في حين كان قائداً في البحرية البريطانية ورسام خرائط لـ "الإمبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس".
الرفض جاء رداً على رسالة بعثها طالب أسترالي يدعى رودني كيلي، طالب فيها باسترجاع أربعة رماح ودرع تعود إلى شعب غويغال الذي كان مستقراً جنوب مدينة سيدني الحالية، وفي حين تتواجد الرماح حالياً في "متحف الحضارة القديمة والأنثربولوجيا"، التابع للجامعة، إلا أن الدرع، الذي يطالب به كيلي أيضاً، هو من مقتنيات "المتحف البريطاني".
قدّم الطالب رسالته بالنيابة عن قبائل الـ غويغال، التي هاجمها كوك وأخذ رماحها، في أول مواجهة بين البريطانيين الغزاة والسكان الأصليين، على ساحل خليج بوتاني في 29 نيسان/ أبريل عام 1770.
وفي حين يعتبر الطالب أن الدرع والرماح هي بمثابة رمز على أول معركة مقاومة واجه فيها السكان الأصليون الاستعمار البريطاني، تعتبرها الجامعة جزءاً من مقتنيات "المستكشف" كوك.
"كامبريدج" أعلنت في بيان نشرته وكالة "رويترز" أمس، أن "إزالة أجزاء من مجموعة كوك-ساندويتش التي تحمل قيمة تاريخية وعلمية وتعليمية كبيرة محلياً ودولياً سيتسبّب في إلحاق ضرر كبير بتكامل المجموعة".
من جهة أخرى كان لدى الجامعة حجّة منطقية إلى حد ما، إذ اعتبرت بأن الرسالة تخلو من أي تحديد للمكان الذي ستعرض فيه الرماح لاحقاً كما أن الطالب ليس مفوّضاً رسمياً بهذه المطالبة؛ وقال البيان إن "الطلب لم يتضمّن عرضاً واضحاً ومحدداً لمكان وضع الرماح والحفاظ عليها إذا تمّت إعادتها، ومن المهم أن يجري تقديم أي طلب بتغيير موقعها من قبل ممثلين مفوّضين عن شعب غويغال".
في المقابل، يزعم كيلي أنه سليل مباشر للمحارب كومان صاحب الدرع والرماح. لكن الجامعة ردت على زعم كيلي بتقرير يشكّك في قدرة الطالب على إثبات نسبه لذاك المحارب.
كيلي رد بقوله "يغضبني أن يحاولوا بتلك الأساليب تشويه سمعتي وتاريخي"، وقد زار الطالب "المتحف البريطاني" وسُمح له بتفقّد الدرع وحمله، حيث قال إنه على الأرجح أول شخص يحمل هذا الدرع منذ 246 عاماً، مؤكداً أن الدرع يعود لكومان بناء على دلالات تاريخية وبراهين موجودة في وصف كوك نفسه.
لا بدّ وأن كيلي يدرك أن طلبه كفرد باسترجاع هذه الأشياء ليس منطقياً وسيجري رفضه، لكنه يتيح لنا أن نتخيّل لو طالبت كل الشعوب المستعمرة باستعادة المقتنيات التي ليست في حقيقتها سوى مسروقات قام بها مستشرقون ومستكشفون ومستعمرون، فكيف يكون حال متاحف أوروبا.