منذ أن ظهرت الرواية كجنس أدبي أساسي، مع النهضة الأوربية في القرن السادس عشر، دخلت في تجاذب مع التاريخ، الذي مثّل لقرون المعرفة الأساسية، وربما الوحيدة، التي تتيح النظر في الماضي. وإذا بدت العلاقة بين الروائي والمؤرخ في وقت ما علاقة تجاذب، فإنها تتحوّل في أوقات أخرى إلى علاقة تكامل، وقد يحدث أن يندمجا في كائن واحد.
في "المعهد الثقافي الفرنسي" في مكناس، تقام غداً مائدة مستديرة بعنوان "الرواية والتاريخ"، تحاول أن ترصد هذه العلاقة ضمن نقاش مفتوح يديره كل من المؤرخ والمترجم والروائي عبد السلام شدادي والناقد الأدبي خالد زكري.
يحاول اللقاء أن يركّز على فهم هذه العلاقة في فضاء الأدب المغربي بالأساس، مع إضاءته بتاريخ الرواية في العالم، الذي كان دائم الحضور في المخيلة الإبداعية المغربية التي تتميّز بانفتاح على لغتين روائيين أساسيتين في العالم هي الفرنسية والإسبانية.
لعل نموذج عبد الله العروي، باعتباره مؤرخاً خاض تجربة الكتابة الروائية، سيكون أبرز محطة في النقاش، إضافة إلى وقوف الكثير من المثقفين والكتّاب المغاربة عند هذه المفترق سواء بالممارسة أو بالتأمل مثل عبد الكبير الخطيبي ومحمد بنيس.
نقطة أخرى ستعالج غداً هي تناول المجلات الثقافية لهذه العلاقة، خصوصاً تلك المجلات التي مثلت في الصنف الثاني من القرن العشرين العصب الحي للثقافة في المغرب مثل "أنفاس" و"أقلام" و"لام ألف"، حيث سيتساءل المشاركون: إلى أي حد ساهمت هذه الدوريات في حركية الرواية التاريخية وخصوصاً في إظهار تراكمها.