مجلّة اللغة العربية: الفصحى تُربك التعليم

07 اغسطس 2015
(يوسف كرّاش/ الجزائر)
+ الخط -

وسط استمرار الجدل حول إعلان وزارة التربية والتعليم الجزائرية اعتزامها استخدام الدارجة، بمختلف لهجاتها، في الأطوار الأولى للتعليم؛ صدر العدد الأخير من "مجلّة اللغة العربية"، متضمّناً دراسة تدعو إلى تبسيط اللغة العربية في المناهج المدرسية، لتسهيل استيعابها وتعلّمها.

تضمّن العدد الثالث والثلاثون من الدورية التي يُصدرها "المجلس الأعلى للغة العربية" عدّة دراسات حول اللغة والأدب، لكتّاب وأكاديميّين جزائرّيين، منها "نظام الرواية بين سلطة البنية وبنية الأسلوب" لسليمان بن سمعون و"اللغة السواحلية وعلاقتها بالعربية" لعبد الجليل مرتاض.

وفي الدراسة التي حملت عنوان "اللغة الوظيفية في الكتاب المدرسي: قراءة نقدية في كتاب اللغة العربية للسنة الأولى متوسّط"، تعتبر الباحثة آسيا قرين أن انتقال الطفل، بشكل مفاجئ، من لغته الأمّ (العاميّة) إلى الفصحى، يُربك العملية التعليمية، ويعيق اكتساب اللغة والمعرفة.

لا تدعو قرين، صراحةً، إلى الاستعانة باللهجات العامية، لكنّها تؤكّد أن خلوّ الكتاب المدرسي من الكلمات التي يستعملها التلميذ في تعبيره اليومي، يتطلّب الاستعانة بـ "ألفاظ تساعده على التخاطب، وتناسب العصر الذي يعيش فيه، وليس ذلك الكم الهائل من المفردات المترادفة والغريبة.. خصوصاً في ظلّ التباعد بين العربية الفصحى والعامية".

تتطرّق الباحثة إلى الصعوبات التي يواجهها التلميذ في تعلّم واكتساب العربية؛ أهمّها ما تُسمّيه "عبء التراكمات التاريخية للفترة الاستعمارية الفرنسية وانعكاساتها على الشخصية الوطنية"، مضيفةً أن "التلميذ يجد نفسه مشتّتاً بين تيارات مختلفة، ما يوسّع من دائرة الغربة بينه وبين العربية"، لتخلص إلى أن هذا الوضع "خلق عدّة انزلاقات وتناقضات وصعوبات في الكتاب المدرسي".

ولكي يمارس الكتاب دوره الوظيفي، و"لجعل العربية لغة علم، وتمكين رصيدها اللغوي من الاستخدام في كل المجالات، وخصوصاً في ظلّ عصر المعرفة والتكنولوجيا وتحديات القواعد الجديدة التي تفرضها اللغات الأجنبية"، تدعو قرين إلى "الارتقاء بها تعليماً ومصطلحاً، عن طريق التدريس الصحيح لها".

لفتت الدراسة أيضاً إلى أن الكتاب لا يراعي خصوصيّات المراحل العمرية للطفل ولا حاجاته العقلية والتربوية والفنية، و"يتلاعب أحياناً بالمفاهيم ويقصي إبداع الأدباء الجزائريّين في مقابل الحضور الكثيف لنصوص المشارقة"، فضلاً عن افتقاره لحسّ الفكاهة وغياب المسرح عنه وإخراجه السيّء.

تكمن أهميّة الدراسة في كونها تضع اليد على خلل يشمل المنظومة التربوية برمّتها، سيما الكتب المدرسية. ويُمكن اعتبار أطروحاتها مناصَرةً أكاديمية لتوجّه وزيرة التربية والتعليم، نورية بن غبريط، إلى الاستعانة باللهجات العاميّة في التعليم، والذي أثار جدلاً واسعاً، رغم اعتماده بشكل غير رسمي في السابق.

ورغم أن معارضي هذا التوجّه يرون فيه "محاولة لتدمير اللغة العربية لصالح الفرنسية"، تؤكّد بن غبريط أن التوجّه الجديد "لن يمسّ بمكانة العربية في المدرسة التي تبقى لغة التعليم الرسمية، وأن لا مجال لمراجعة هذا الأمر".

المساهمون