قضية التمثال "سخم كا": تبرّعات اللحظة الأخيرة

22 اغسطس 2015
سخم كام (تصوير: آدم كوبلاند)
+ الخط -
"تبرّعوا لشراء تمثال سخم كا"، هكذا أعلن وزير الآثار المصري، ممدوح الدماطي، فشل كافة الجهود المصرية في استعادة تمثال "سخم كا" أو وقف عملية بيعه التي تمت في متحف نورثهامبتون البريطاني، معلناً أن الأمل الوحيد في استعادة التمثال هو جمع تبرّعات تقدر بأكثر من 15 مليون جنيه إسترليني، قبل 28 أغسطس/آب الجاري، للإبقاء على تمثال "سخم كا" في بريطانيا، وعدم بيعه.

ودعا الوزير، خلال المؤتمر الصحافي الذي نظمه ظهر اليوم، السبت، بمقر الوزارة رجال الأعمال المصريين، وعشاق الحضارة المصرية، للتبرّع من أجل استعادة التمثال، بعدما أكد أن "بيع الآثار في بريطانيا ليس جريمة"؛ وبالتالي لا مجال لمقاضاتهم دولياً، والحل الوحيد في جمع التبرّعات، مقرراً وقف التعامل مع متحف نورثهامبتون، كـ"عقوبة أخلاقية رداً على عملية البيع"، على حد قوله.

وكان المجلس المحلي لمدينة نورثهامبتون البريطانية، قد باع التمثال، من أجل توسيع متحف المدينة، بنحو 15.76 مليون جنيه استرليني في مزاد علني، بقاعة "كريستيز" في لندن في تموز/ يوليو الماضي، لمشتر أجنبي وسط حالة من السخط على قرار بيعه؛ لما له من قيمة حضارية وفنية وجمالية فائقة.

وقال الدماطي، أنه سيسافر اليوم السبت، إلى إيطاليا؛ لحضور المؤتمر الدولي الحادي عشر لعلماء الآثار، في مدينة فلورنسا، خلال الفترة من 23 إلى نهاية الشهر الجاري، مؤكداً أنه سيعرض قضية تمثال "سخم كا" خلال المؤتمر الذي تبدأ فعالياته غداً، بحضور 150 من علماء الآثار في العالم، ويهدف لمناقشة الحالة الراهنة لبحوث علم المصريات.

وكانت جميع المساعي المصرية قد فشلت منذ إتمام عملية البيع، وحتى الآن، في استعادة التمثال، الذي غادر مصر قبل توقيع اتفاقية اليونيسكو لعام 1970، بشأن حظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة.

وفي تصريحات صحافية عدة، منسوبة للمتحدث باسم مجلس بلدية نورثمبتون، جرى تأكيد علم الحكومة المصرية ببيع التمثال، وقال "اتصلنا بالفعل بالحكومة المصرية قبل عامين بشأن نيتنا بيع تمثال سخم كا"، وهو ما لم يقابل بالاعتراض من قبل الجانب المصري.

التمثال يبلغ عمره قرابة 4400 عاماً، ويبلغ ارتفاعه 30 بوصة، وهو مصنوع من الحجر الجيري ويمثل النبيل سخم كا، الكاتب الملكي، وقد "اشتراه" ماركيز نورثهامبتون الثاني عام 1850 أثناء رحلته إلى مصر، و"أهداه" للمدينة عام 1880، وبقي في متحفها حتى بيعه في يوليو/تموز الماضي.

وفي بيان رسمي صادر عن وزارة الآثار المصرية منذ أسابيع، أوضح الدماطي، أن وزير الثقافة البريطاني، إيد فيزي، أصدر قراراً، بمدّ مهلة منع تصدير التمثال حتى منتصف نهار 28 أغسطس/آب الجاري في فرصة أخيرة من جانبهم للإبقاء على التمثال، لافتاً إلى أن السلطات البريطانية أصدرت بياناً بأنه في حال وجود عرض جاد لشراء التمثال من جانب الحكومة المصرية، ستمدد المهلة حتى 29 مارس/آذار 2016.

ومن جهتها، قالت وزارة الخارجية المصرية، في تقريرها عن التمثال، الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، إن الجانب البريطاني، أعلن أن "خيار تمديد مهلة وقف إصدار رخصة تصدير التمثال لفترة ثانية في مارس/ آذار 2016، يمكن اللجوء إليه فقط في حالة ما إذا كان هناك عرض شراء أو حملة جدية منظمة لجمع التبرّعات لإعادة شراء التمثال، هو الأمر الذي لم يحدث على مدار أربعة أشهر.

الأثريون المصريون أطلقوا حملة جمع توقيعات من أجل الضغط لاستعادة التمثال من بريطانيا، واشتملت عريضة التوقيع على عبارة "أوقفوا بيع تمثال سخم كا.. Stop Sekhemka Sale" معتبرين أن البيع "يهين الآثار المصرية"، عقب اعتراف مدير عام إدارة الآثار المستردّة في وزارة الآثار المصرية، علي أحمد علي، بفشل الدولة في استرداد التمثال أو منع عملية بيعه أو خروجه من لندن، بعد أن اشترته سيدة قطرية بـ 16 مليون جنيه إسترليني، وذلك في تصريحات صحافية وتلفزيونية له.

وطالب الأثري في قطاع المشروعات التابع لوزارة الآثار المصرية، أحمد شهاب، بالضغط من أجل تعديل اتفاقية الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسيكو" لعام 1970، بشأن حظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة، لأنها "تبيح بيع الآثار المصرية التي خرجت من مصر قبل تاريخ توقيع الاتفاقية".

كما طالب الحكومة المصرية بالتهديد بالانسحاب من الاتفاقية، أو جمع توقيعات من الدول الموقعة عليها، من أجل تعديلها، ووقف التعاون الثقافي وتبادل البعثات مع الدول التي تبيح بيع الآثار المصرية.

وتساءل شهاب "هل من المعقول أن نشتري آثارنا؟ وهل تتمكن حملة جمع التبرعات من جمع المبلغ قبل 28 آب/ أغسطس الجاري؟ وهل ستتعامل الحكومة المصرية بنفس المنهجية مع باقي الآثار المصرية في الخارج؟"، جميعها أسئلة استنكارية طرحها شهاب الذي شدد على أن تغيير التشريعات هو الضمانة الوحيدة لإنقاذ آثار مصر من السرقة والتهريب في الداخل، واستعادتها من الخارج.

سؤال آخر يمكن طرحه: لو نجحت مصر في استرجاع التمثال بهذه الطريقة، كم ستحتاج من الأموال لاسترجاع كامل آثارها الموزّعة بين متاحف العالم وهواة جمع الآثار ولصوصه؟

المساهمون