استمع إلى الملخص
- **استمرار العدوان وتراجع الحس التضامني**: استمر العدوان الإسرائيلي على غزة، مما أدى إلى سقوط آلاف الشهداء والمصابين، بينما تراجع الحس التضامني في الأنشطة الثقافية الجزائرية مقارنة بالأشهر الأولى من العدوان.
- **استمرار المهرجانات رغم الحرب**: رغم الحرب، استمرت المهرجانات الموسيقية في الجزائر، مما أثار استغراب المتابعين نظراً لمواقف الجزائر الداعمة للقضية الفلسطينية.
بعد بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، قرّرت وزارة الثقافة في الجزائر تعليق كلّ الأنشطة الاحتفالية "تعبيراً عن التضامُن الكامل مع الإخوة الفلسطينيّين وعائلات الشهداء"، مثلما ورد في بيان لها بتاريخ 13 أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي. هكذا، جرى تأجيل عددٍ من التظاهرات الفنّية والموسيقية التي كانت مبرمجة خلال الأشهر الأخيرة من عام 2023؛ مثل "المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية" في دورته الثالثة عشرة، بينما جرى الاحتفاظ بتظاهرات ثقافية أُخرى، مع تخصيص مساحات فيها للتضامن مع الشعب الفلسطيني؛ مثل "معرض الجزائر الدولي للكتاب" الذي خَصَّصت دورته السادسة والعشرون (25 أكتوبر/ تشرين الأوّل - 4 نوفمبر/ تشرين الثاني) برنامجاً خاصّاً لـ القضية الفلسطينية.
لم يتوقّف العدوان، بل استمرّ على نحو أكثر وحشية ليتحوّل إلى حرب إبادة ممنهجة، راح ضحيّتَها، خلال تسعة أشهر، نحو 38 ألف شهيد وتسعين ألف مصاب، معظمهم من الأطفال والنساء، فضلاً عن التدمير الشامل للقطاع الذي يعيش شمالُه اليوم على شفا مجاعة مؤكّدة. مع ذلك، خفت الحسّ التضامني في الأنشطة الثقافية التي تُنظّمها وزارة الثقافة أو ترعاها، بالمقارنة مع الزخم التضامني الذي شهدته الأشهر الأُولى من العدوان.
يوم الأربعاء الماضي، كشفت الوزارة عن روزنامة المهرجانات الثقافية والفنّية المقرَّرة خلال يوليو/ تمّوز الجاري، وهي 13 مهرجاناً بين محلّي ووطني ودولي تتوزّع بين عدد من المدن الجزائرية. والملاحَظ أنّ عدداً منها يندرج ضمن "الأنشطة الاحتفالية"؛ كما هو الأمر بالنسبة إلى "المهرجان الوطني للموسيقى والأغنية الشاوية" في مدينة خنشلة، و"المهرجان الدولي للرقص الشعبي" في سيدي بلعبّاس، و"المهرجان الوطني للأغنية البدوية والشعر الشعبي" في تيسمسيلت، و"المهرجان المحلّي للموسيقى والأغنية الوهرانية" في وهران، و"مهرجان تيمقاد الدولي" في باتنة، و"مهرجان جميلة الدولي" في سطيف، و"الصيف الموسيقي لمدينة الجزائر"، و"المهرجان الدولي للرقص المُعاصر" في الجزائر العاصمة، و"المهرجان الوطني لموسيقى القناوة" في النعامة.
13 مهرجاناً في تمّوز عددٌ منها يندرج ضمن "الأنشطة الاحتفالية"
هكذا، جرى الاحتفاظ بالمهرجانات الموسيقية، كما لو أنّ الحرب انتهت، وهو أمرٌ مستغرَب لغالبية المتابعين في بلدٍ مثل الجزائر، بالنظر إلى مواقفه من القضية الفلسطينية، وربّما لم يكُن ليثير الأمر استغراباً لو تعلّق ببلدان عربية أُخرى، استمرّت فيها المهرجانات والحفلات الفنّية طيلة أشهر العدوان، وغُيّبت القضية الفلسطينية تماماً عمّا انتظم فيها من تظاهرات ثقافية.
يُضاف إلى تلك المهرجانات الرسمية "المهرجان الأوروبي للموسيقى"، الذي أُقيمت فعاليات دورته الرابعة والعشرين في الجزائر العاصمة بين 27 يونيو/ حزيران الماضي والثالث من الشهر الجاري، بمشاركة 14 بلداً أوروبياً، بتنظيم من "بعثة الاتحاد الأوروبي في الجزائر"، بالتنسيق مع وزارة الثقافة الجزائرية. والمهرجان، الذي يقول منظّموه إنّه يهدف إلى "تعزيز الحوار بين الثقافات"، هو التظاهرة الفنّية الثانية التي تُنظّمها بعثة الاتحاد في خضمّ الحرب على غزّة، بعد مهرجان "أيام الفيلم الأوروبي" الذي أقامت فعاليات دورته التاسعة في أربع مدن جزائرية خلال فبراير/ شباط الماضي.
لعلّ أقلّ ما كان ينبغي فعلُه هو تعليق المهرجانات الاحتفالية، وفي مقدّمتها مهرجانات بعثة الاتحاد الأوروبي، للتأكيد على أنّ الإبادة أمرٌ لا يمكن التعايش معه والاعتياد عليه، وأنّ التضامن مع الشعب الفلسطيني مستمرٌّ، وينبغي أن يكون مسموعاً، خصوصاً من طرف بعثة الاتحاد الأوروبي الذي يُشارك عددٌ غير قليل من أعضائه في الإبادة الجماعية المستمرّة ضدّ الفلسطينيّين.