"يوسف بكّار للدراسات المقارنة الشرقية": ماذا يعني حجب الجائزة؟

26 سبتمبر 2024
تمثال عمر الخيّام في نيسابور
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت الجوائز العربية ازدهارًا في المجالات الإبداعية والفنية والبحث العلمي، مثل "جائزة كتارا للرواية العربية" و"جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي".
- تلتزم الجهات المنظمة بالشفافية من خلال الإعلان المبكر عن الجوائز وفروعها ولجانها، لكن قد يتم حجب الجائزة أحيانًا بسبب قلة الأعمال المستوفية للشروط.
- يُشيد الكاتب بالأستاذ يوسف بكّار ويقترح توسيع شروط "جائزة يوسف بكّار" لتشمل لغات أخرى وعدم استبعاد رسائل الماجستير والدكتوراه المنشورة، وتوطين الجائزة في "جامعة اليرموك".

في الرُّبع الأول للقرن الذي نحن فيه ازدادت الجوائز العربية التي أصبحت تُغطّي مختلف المجالات الإبداعية والفنّية والبحث العِلمي، والتي غدت قيمتُها المادّية والمعنوية مُحفّزة للمشاركة وملموسة في نتائجها. فقد أصبحت المشاركة في "جائزة كتارا للرواية العربية" تجتذب المئات من الروايات، كما أنّ "جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي" مُنحت حتى الآن لأكثر من مئتي مترجم من ثمانٍ وأربعين دولة شملت أعمالهم أكثر من سبعٍ وثلاثين لغةً من لغات العالم.

ومن المؤكّد هُنا أنّ الجهات التي تقف وراء هذه الجوائز تحرص على الشفافية بالإعلان المُبكّر عن الجوائز وعن فروعها ولجانها وقائمتها الطويلة ثم القصيرة، وصولاً إلى إعلان الفائزين فيها بحفل يليق بالجائزة، مع أنّ الأمور لا تسير دائماً حسب المعايير المُعلنة. ولكنّ الإعلان عن حجب جائزة له مدلولُه الإيجابي أو السلبي. فهو قد يدلّ على الالتزام الصارم بالمعايير، وهو يُحسب لهذه الجائزة أو تلك، أو يدلّ على قلّة المشاركة التي قد تكون لأسباب متعدّدة.

أكتبُ هذا وأنا أقرأ ما تداولته الصحافة مؤخّراً عن حَجب "جائزة يوسف بكّار للدراسات المقارنة الشرقية - الشرقية: اللغات العربية والفارسية والتركية وآدابها" في دورتها الثانية 2024، استناداً لتعليمات الجائزة التنفيذيّة، التي تجيز حجبها إذا كان عدد الأعمال المشاركة والمستوفية الشّروط يقلّ عن عملين اثنين.

من غير الحكمة استبعاد رسائل الماجستير والدكتوراه

ولا بدّ هنا من أن أعبّر عن تقديري للأستاذ الباحث يوسف بكّار الذي اختير ليكون الشخصية الثقافية للدورة الثالثة والعشرين من "معرض عمّان الدولي للكتاب" التي تنطلق فعالياتها في العاشر من الشهر المقبل، فقد تشرّفتُ بمعرفته خلال عملي في "جامعة اليرموك" الأردنية (1989 - 1995)، والذي فتح أفقاً جديداً للتعرُّف إلى الأدب الفارسي من خلال ترجمات عدّة، منها ترجمة جديدة لـ رباعيات الخيّام وسلسلة من الدراسات المقارنة بين الأدبين العربي والفارسي. ولم يكتفِ بكّار بذلك، بل توّج إسهامه بتأسيس هذه الجائزة وتمويلها على أمل أن تحفّز على البحث أكثر في مجال الدراسات المقارنة الشرقية - الشرقية: اللغات العربية والفارسية والتركية وآدابها.

صحيح أن قيمة الجائزة، ثلاثة آلاف دولار، لا تُقارَن بقيمة الجوائز الأُخرى، ولكن يبدو أنّ قيمة الجائزة ليست هي السبب في قلّة المشاركة حسب تعليمات الجائزة التنفيذية، التي تشترط ألّا يقلّ عدد الأعمال المشاركة عن عملين اثنين، الذي يعني في هذه الحالة أنّ ما قُدّم قد يكون عملاً واحداً فقط.

وربما إذا عُدنا إلى تعليمات الجائزة وشروط المشاركة نجد السبب وراء ذلك. فالشرط الأول يسمح بالمشاركة للباحثين من الأردن وخارجه، بينما يحصر الشرط الثاني بأن يكون البحث باللغة العربية، ويُستثنى الشرط الثالث ألّا يكون البحث رسالة ماجستير أو دكتوراه. فالجائزة هي للدراسات المقارنة الشرقية - الشرقية: العربية والفارسية والتركية وآدابها، وهو حقل دراسي يجتذب الكثير من الباحثين، سواء في اللغات الإنكليزية أو الأوروبية. وفي مثل هذا الحقل للدراسات المقارنة من المُفيد الاطّلاع على مقاربات ونتائج الأبحاث عند الآخرين وليس الاكتفاء بما يصدر عن الطرف العربي فقط.

وفي هذا السياق لدينا في البلقان أقسام للدراسات العربية والتركية والفارسية وهناك نتاج مهمّ للباحثين فيه، ومن ذلك يكفي أن نذكر كتاب الأكاديمي البوسنوي أسعد دوراكوفيتش "الشعرية الكلاسيكية في اللغات العربية والفارسية والتركية: مقاربة بويطيقية" الذي صدر أولاً بالبوسنية ثم قامت "أكاديمية العلوم" في تركيا بنشره باللغة الإنكليزية عام 2019. ولذلك من المُفيد توسيع دائرة اللغات لتشمل الفارسية والتركية والإنكليزية، لكي نطّلع على مقاربات ونتائج جديدة في هذا الحقل الدراسي المهمّ. ولا تبدو هنا حكمة في استبعاد رسائل الماجستير والدكتوراه إذا كانت منشورة، لأنها تعتبر محرّك البحث بالنسبة لجيل الشباب لإثبات جدارتهم في البحث العلمي والعمل الأكاديمي.

ومن ناحية أُخرى قد يكون من المناسب أكثر لمثل هذه الجائزة الرائدة توطينها في "جامعة اليرموك"، التي كانت رائدة في الانفتاح على اللغات الشرقية وآدابها، وهناك الآن أقسام لهذه اللغات، أي أن هناك كوادر يُمكن أن تحكّم النتاج المقدّم باللغات الفارسية والتركية والإنكليزية، وتجعل لهذه الجائزة قيمة دولية.


* كاتب وأكاديمي كوسوفي سوري

المساهمون