ثمَّةَ أشياء لا ننتظرها
لكنّها لا تتوقّف عن الحدوث
هل علينا أن نكفّ
عن انتظار انتهاء الحرب؟
هل علينا أن ننسى الوقتَ المُعلَّقَ
الساعاتِ الضائعة في الظُّلمة
الخوفَ
التكرارَ المُرعب للأشياء
والصُّورَ التي تُؤرجحنا كلَّ ليلة
مثل جسدٍ مُعلَّق في نهاية حبل؟
لم أعُد أنتظر شيئاً الآن
لم أعُد أستطيع الرجوع
لكنّني أُحبُّ أن أُصدِّقَ أملاً فقدتُه
أَمضي يومي العاديَّ كمَن يُوغل في الغِياب
أَتمالكُ أنفاسي كلَّما مررتُ بجانب بِرْكةٍ ساكنةٍ
أَقطعُ طريق الدَّمعة إلى العالَم
كمَن يكتم سرَّاً إلى الأبد
أَتركُ للغُرْبة داخلي
سُهوباً مأهولةً بالفراغ
ولا أَبرحُ مكاني
كأنّني جُرحٌ
في لحم هذا المكان
أَضعُ زهوراً في الماء المَغليِّ
أُحرِّكُ السائلَ الورديّ بإلحاح
أَضعُ زهرةً لتجفَّ في كتابِ محمود درويش
"هيَّأنا لبيروت القصيدة كلّها"
أَضعُ زهرةً في المزهرية بقُرب صورة فيروز
"أَغلقتْ مدينتي بابها، أطفأت قنديلها"
أَضعُ زهرةً في الجُرح المفتوح الذي لا يلتَئِمُ
أَخدشُ سطحَ الذِّكريات بعُنف
أَتركُ لرائحةِ مدينتي الكئيبة
حُرِّيةَ الجَرْي في دمي
ربَّما يُمكنُني أن أعيش في عالَمٍ
تُدمَّر فيه بيروت كلَّ ليلة
أن أَتوقّفَ عن كتابة قصائد لها رائحة الزهور
ألّا أجدَ طريقةً
يبدو فيها هذا الحُزن جميلاً
ربَّما يُمكنني أن أَنامَ وأَستيقظَ كلّ يوم
بجسدٍ مجروح
أن أَعتادَ طعم الرماد في فمي
أن أسترجعَ أسماء الضحايا
وجوهَ الأطفال
مذاق أحلامي التي لم تكبر أبداً
ذاك المقعد مقابل البحر
ورنّة كلمة "بيروت"
كلّما خرجت مرَّة بعذوبة
من فم أبي
ربّما يُمكنني أن أُصبح ظلّاً خافتاً
شيئاً مثل الصحراء
مثل الحزن الذي ينتظر
الذي لا يُزهر
أبداً.
* شاعرة من لبنان مقيمة في فرنسا