يستكشف ياينكا شونيبار في أعماله الهوية الثقافية والاستعمار، وما بعد الاستعمار في السياق المعاصر للعولمة، وكذلك قضايا الطبقة الاجتماعية والإثنيات، من خلال مجموعة من الوسائط التي تشمل الرسم والنحت والتصوير الفوتوغرافي وفن التركيب، وكذلك الأفلام والأداء.
ويستخدم الفنان النيجيري البريطاني (1962) منذ منتصف التسعينيات النسيج الأفريقي ذا الألوان الزاهية، في إشارة إلى أن هذه الأقمشة ليست أفريقية أصيلة بالطريقة التي يفكر بها الناس، حيث يتتبع تاريخ صناعتها الذي يثبت أنها تنتمي إلى خلفية ثقافية هجينة، ويصنع أشكالاً منحوتة بالحجم الطبيعي مقطوعة الرأس ترتدي أنواعاً من القماش نابضة بالحياة تدلّ على تعدّد الهويات وبنيتها المركبة.
"الأرواح الأفريقية للحداثة" عنوان معرضه الجديد الذي افتتح في "غاليري ستيفن فريدمان" بلندن في الرابع من الشهر الجاري، ويتواصل حتى الحادي والثلاثين من تموز/ يوليو المقبل، ويضمّ مجموعة من المنحوتات وسلسلة من الأقنعة الأفريقية، إلى جانب مواد أرشيفية تجسّد الاهتمام المتزايد بالفن الأفريقي في باريس خلال عشرينيات القرن الماضي.
يسعى شونيبار إلى معاكسة رؤية بابلو بيكاسو في رؤيته لفن القارة السمراء، إذ يتناول العلاقة بين الجماليات الأفريقية والتعبير الحداثي الغربي من خلال وضع أيقونات من العصور القديمة الأوروبية الكلاسيكية جنباً إلى جنب مع القطع الأثرية الأفريقية من مجموعة الفنان الإسباني التي تبدو كأنها جماليات تمّت استعارتها أو الاستيلاء عليها من ثقافات أخرى، بينما يقترح شونيبار حواراً من نوع آخر حول الشتات داخل المجتمع المعاصر.
يضمّ المعرض ألحفة مصنّعة من قماش الباتيك الذي يصبغ عبر تغطيته بطبقة من الشمع باستخدام تقنيات التطريز التي تمثل مرونة الهوية وتعكس في الوقت نفسه خطوط التجارة الدولية التي مهّدت لفترة الاستعمار، من خلال تصميم خلفيتها على شكل الألماس الذي كان سبباً من أسباب صراع القوى الأوروبية على أفريقيا، إلى جانب أقنعة احتفالية كانت ترتديها شعوب فانغ وبامانا وبوبو ونالو في الغرب الأفريقي.
كما يقدّم الفنان مجموعة من المنحوتات تمثّل فكرة الثقافة الهجينة لشعوب أفريقيا ما بعد الاستعمار، حيث يعيد تشكيل منحوتات رخامية كلاسيكية من خلال استبدال رؤوسهم بنسخ متماثلة من الأقنعة الأفريقية، في محاولة لتقديمها وفق منظور أفريقي يرى الفن الأوروبي وفق أساطيره القديمة.