ارتبط اسمُ المناضل الجزائري ياسف سعدي، الذي رحل في العاشر مِن أيلول/ سبتمبر الماضي، بـ معركة الجزائر من جانبَين؛ فقد كان أحدَ أبطال العمليات الفدائية التي نفّذها مناضلو الثورة التحريرية ضدّ الاستعمار الفرنسي في مدينة الجزائر بين سنتَي 1956 و1957، ومُنتِجَ فيلم "معركة الجزائر" الذي أخرجه الإيطالي جيلو بونتيكورفو سنة 1966، وتناوَل تلك الأحداث. وقد جسَّد سعدي فيه شخصيته الحقيقية.
بعد سنتَين من استقلال بلاده عام 1962، أسّس سعدي (1928 - 2021) أوّلَ شركة إنتاج سينمائي خاصّة في الجزائر باسم "قصبة فيلم"، والتي أنتجت أربعة أفلام خلال الستّينيات؛ هي - بالإضافة إلى "معركة الجزائر": وثائقيُّ "يدٌ حرّة" (1964)، و"الغريب" (1967) لـ لوتشينو فيسكونتي عن رواية ألبير كامو، وفيلم الويسترن "ثلاثة مسدّسات ضد سيزار" (1967) لـ إينزو بيري بالتعاوُن مع الجزائري موسى حدّاد.
ورغم ما حقّقته التجربة مِن نجاحات، إلّا أنّها لم تستمرّ طويلاً؛ إذ سرعان ما قرّر سعدي إغلاقها والتنازُل عن معدّاتها لـ "الديوان الوطني للتسويق والصناعة السنيمائية"، وهي المؤسّسة الحكومية التي كانت حينها تُشرف على الصناعة السينمائية في البلاد.
وإنْ كان "معركة الجزائر" الفيلمَ الأكثر مشاهدةً في تاريخ السينما الجزائرية داخل الجزائر وخارجها، فإنَّ فيلم "يد حرّة" ضلّ مجهولاً تقريباً؛ إذ لم يُعرض سوى مرّة واحدة، وكان ذلك في "قاعة أفريقيا" بالجزائر العاصمة في آب/ أغسطس عام 1965.
وبعد ستّة وخمسين عاماً من عرضه الأوّل، عرض "متحف السينما الجزائرية" (سينماتيك الجزائر)، يوم الخميس الماضي، الفيلمَ الذي أخرجه الإيطالي أنيو لورانزيني بمساعدة الجزائري محمد زينات. العملُ يُضيء على جوانب من كفاح الجزائريّين ضدّ الاستعمار الفرنسي، وعلى السنوات الأولى للاستقلال.
والوثائقي، الذي تصل مدّته إلى 26 دقيقة، هو أوّل فيلمٍ جزائري بالألوان يجري إنجازه بالتعاوُن مع سينمائيّين إيطاليّين، وهي التجربة التي ستتكرّر لاحقاً في عدّة أفلام أُخرى.