استمع إلى الملخص
- يشدد على أهمية تطوير الوعي كوسيلة للمقاومة، معتبرًا أن الشكوى العلنية تعزز اليأس، ويدعو للعمل السري الدؤوب لمواجهة العدو، مؤكدًا أن الحياة تحت الاحتلال تتطلب الوقوف بشرف.
- يؤكد على أن المقاومة المسلحة هي المشروع الوطني الحقيقي، رافضًا الحجج المتعلقة بموازين القوى، ومشددًا على أن المقاومة تبقى مبدأً خالدًا لا غنى عنه.
الحمد لله على كل حال. فها هو عُمر من الخسارة والألم يمرّ عبر حبكات مختلفة، ويكاد يتلاشى، مثل غبار في طريق ترابي مرّت عليه شاحنة. هل الحُزن والخوف هُما الخيط المشترك الذي يحرّك أولاد آدم، بوجود هذا السرطان (ليس كمثله شيء) الأميركي؟
منذ بضع سنوات وأنا أواجه أسئلة التحرير الكبرى، إذ تبدو أصعب من مثيلتها عن الوجود. هل ينفع النوم بالحبوب، في محاولة لمواجهة اللحظة قبل حدوثها؟ وإلام يستمرّ هذا الاهتراء في العصَب العاري، بعد ما يزيد على 450 يوماً، كلّ واحد منها بسنةٍ مما يعدّ البِيضُ المرتاحون؟
أعتقد أن ما أكتبه مرتبط بما أتلقاه من الشاشة وعنها، ومن صراخ دهريٍّ مكبوت في لاوعي الفلسطينيّين. سبحان الله: في بعض الأحيان تبدو هذه الأشياء غير مهمّة، لكنّها في الواقع وفي أعماقنا تظلّ ما لا يُعبّر عنه اللسانُ ولو اجتهد.
هل الحُزن والخوف هُما الخيط المشترك الذي يحرّك أولاد آدم؟
كيف تكتب عن أهوال "يوم القيامة"، وأنت كما يزعم غير العارفين، تحيا على هامش "جنّة" الغرب المتقدّم؟ كيف تكتب عن أهوال "يوم القيامة"، وأنت داخل لهبها، منذوراً للموت، كلّ برهة، فإن عشت، يكن هذا عمل الصدفة، وإن متّ، يكن هذا أجلك ونصيبك، وغير نصيبك لا يصيبك؟ حقيقة كيف نكتب من خلال منظورَين مثل ذَينك؟
■ ■ ■
عدونا مفترٍ وداهس أنظمة وشعوب. ماذا نفعل؟ يمكننا أن نشكو علنًا، وهو ما لن يفعل شيئًا سوى تعزيز الفكرة السائدة بأن لا أمل. إن هذا لأقرب إلى ضرب من ضروب خيانة الوعي والضمير.
ثمة طرق مضمونة، معمّدة بالدم، لإنهاك العدو. لست من العاملين في الكتابة، الذين لا يعرفون سوى كيفية التذمّر. ستكون نقطة البداية الجيدة هي تطوير وعينا، بوصفه مقاومةً، وحمْل ما يترتب عليه من عمل دائب، بالسر، حتى نعدّ للقتلة ما نستطيع. الحياة تحت الاحتلال والهيمنة، وقفة قصيرة وإنْ طالت، حبذا لو نقفها بشرف.
قد يحيا الواحد وينقهر، بعد ثلاثين عاماً من نكبة أوسلو، التي منذ سُفح حبرها الطازج، بدا أن كل شيء سوف ينهار، وأن صفحتنا قد تطوى. إنما يبدو أن هذا ليس كل شيء، من حسن الحظ. يبدو أن الوضع، بعيد عن أن يكون مدفوعاً بالأماني (بل بالصواريخ)، ليس يائساً أيضاً ولن يكون.
شيء واحد يجب أن يعود كمبدأ خالد: لا غنى عن المقاومة، بأي حال. المقاومة المسلحة هي المشروع الوطني الحقيقي، ومن يتحجّجون بموازين القوى، وعقلانية النضال، فليتلهّوا بوزنهم الخفيف، وعلقهم الخفيف، على أمل أن يزداد وزنهم غرامات، بعد مدّةٍ، وبعد لأي.
* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا