"همس الأسلاف": قصائد مختارة من القارة السمراء

18 ديسمبر 2020
غيرالد تشوكوما/ نيجيريا
+ الخط -

شكّلت الآداب والفنون وسيطاً مهماً في تفكيك المقولات الاستعمارية التي قدّمت تاريخاً مزوّراً للقارة السمراء باعتبارها أرضاً مشاعاً لم تشهد أنظمة اجتماعية وسياسية قبل مجيء القوى الأوروبية التي استغلت الموارد الطبيعية والبشرية عدّة قرون، حيث استعاد الفن تراثاً غنياً من التقاليد والطقوس.

"همس الأسلاف: أنطولوجيا الشعر الإفريقي المعاصر" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً عن "دار خطوط وظلال"، واحتوى قصائد لمئة شاعر وشاعرة من أربعين بلداً أفريقياً اختارها وترجمها الشاعر والكاتب المغربي نجيب مبارك.

يشير المترجم في تقديمه إلى التضاريس التي ظلّت "ثابتة" مثل الصحراء وجبل كليمنجارو على مدار آلاف السنين، إلا أن ما يستدعي الانتباه اليوم هو تلك "الفروق الدقيقة" بين منطقة وأخرى، والتي يمكن وصفها بحسب مبارك بـ "أفريقيات داخل هذه القارة الغنيّة والفسيحة".

احتوى الكتاب قصائد لمئة شاعر وشاعرة من أربعين بلداً أفريقياً

يلفت التقديم إلى فوارق جغرافية بين بلد وآخر، ما ولّد اختلافات طبيعية وحضارية عديدة، إلى جانب التنوع الكبير في اللُّغات المتداولة في دول القارة، مع ملاحظة أساسية ترتبط بوجود شعراء كتبوا بلغاتهم المحلية مع استمرارية هيمنة لغات المستعمِر على الآداب الأفريقية.

يفتتح الكتاب بقصيدة أقرأ "مرايا" للشاعر السنغالي ليوبولد سيدار سنغور (1906 – 2001)، التي يرد فيها "في صرخة جمالكِ الصيّاد. آه! ليس جمالك/ بل هذه الأرض المشتركة التي تمزّقني، / وهذه المدينةُ مثل عطرٍ خفيّ: كلُّ خَلطات دمكِ/ وكلّ أحياء المدينة، تغنّي بأصواتٍ متعدّدة./ هذه الرواية قصيدة، والقصيدةُ مأساة:/ يصعقني جمالكِ حين أبحثُ عنك، في جسدكِ المتناغِم، / في التشظّي الذي يفتح شرياني الأبهَر، / والهويّةِ الأولى للموتِ ذاتِه، والانبعاث".

غلاف الكتاب

يقدّم مبارك العديد من الشعراء مثل نداي كومبا دياخاتي وبيراغو ديوب وأمادو لامين سال ودافيد ديوب وباكاري ديالو من السنغال، وفريديريك باسيري تيتينغا وخواكيم كابوري درانو من بوركينافاسو، وفيلي دابو سيسوكو من مالي، ونِمرود وكوسلي لامكو من تشاد، وأديل بارّي وبوبي زومي من النيجر، وبرنار بينلين داديي فيرونيك تادجو من ساحل العاج، وتينا أبينا أوفوريا من غانا.

ويضمّ الكتاب قصيدة بعنوان "حصاد الكراهية" للشاعر النيجيري ويل سوينكا (1934) يكتب فيها "الآن، تُكلّف التّنازلاتُ القديمة ثمنًا باهظاً/ ويواجهُ الطفل نيرانًا أوقدَها آباؤه/ بشعلاتها القوّيةِ، رغم عُمرها القصير،/ حيث يتموّجُ إرثُ الأيّام المتفجّرةِ الآتية".

إلى جانب قصائد لـ دومينيك أغيسي وهارموني دودي بيل كاتاريا من بنين، وأميلا هيلا-لاوبي من توغو، وتسيغاي غابري-ميدهين وحَما توما من إثيوبيا، وورسان شِري من الصومال، وشيهيم واتا وعبد الرحمن أ. وابري من جيبوتي، وريسوم هايلي من إرتيريا، وجاريد أنجيرا جوناثان كاريارا من كينيا، وإبراهيم حسين من تنزانيا، وآدمز سينارينزي وكيتي نيفياباندي من بوروندي، وأوكوت بيتيك وسوزان ن. كيغولي من أوغندا، وإيبيفاني موكاسانو من رواندا، وغابرييل مويني أوكوندجي من الكونغو، وكوام تاوا من الكاميرون.

في قصيدته "بلدي بين الشمس والمطر" يكتب الشاعر الغابوني بيير أكيندينجو "فجأةً، في اللّيل، نسمع انفجارًا هائلًا من الضحك/ إنّه بلدي الذي يضحك أو يبكي كما لو أنّه يضحك/ إنّه بلدي الذي يبكي من أجل حرّيته/ ضاحكًا مثل طبول / وهو يصفّق بيديه./ في هذه اللّحظة، يصلُ الغرباء/ أولئك الذين يغنّون في صمت/ يتنهّدون، ويتعجّبون في صمت".

المساهمون