هذه الكلمات هي حارسات الخبرة

13 يونيو 2022
فيليب ميرسمان
+ الخط -

ليست النجوم هي المهمّة

ليستِ النجومُ هي المهمّةُ
إنها الظُّلمةُ في رؤيتنا،
ما ذاك الذي يُحيطك ويجعلك تزدهرُ
في فقاعةِ العلكة.
أَسمعُ أناساً يَتهامسون في العتمة،
يتشاركون أسرارَهم تحتَ شبكةِ نسجتها البعوضةُ.
تزاوُجُ الصراصيرِ يزعجُ أناشيدَ صلاةِ المساء.
قطارٌ متأخّرٌ يصرخُ، يجتازُ مساراً بعيداً
سيصلُ الناسُ إلى وُجهتهم
في الوقتِ المناسبِ سيختفي كلُّ هذا
ليسَ هناك من هدفٍ ليصلوا إليه
الحياةُ بِحدِّ ذاتها تحدٍّ
لا يُستهان به
ليس هناك نجومٌ الليلةَ
فقط حُرقةُ التوابلِ الشديدةِ
وأزيزُ البعوضِ وهو يُحلِّقُ بالقربْ
تُعاملهم الحياةُ بِحُسْنٍ
حتى أنَّ هناك بعض الأمطار
بعد انقضاءِ الرياحِ الموسميةْ
النسلُ غنيٌّ
والعشاءُ وفيرٌ
أم هل تودُّ إحضارَ فطورِ الليلِ
وأمنياتٍ لحياةٍ أطول؟

■ ■ ■

ما بعد أَحْلكِ ساعة

ما بعد أَحْلكِ ساعة،
تتحوَّل الساعةُ إلى فجرٍ جديد
أُحدّق في المتاهة تحتي
القماشة المُتمدّدة من الخيوط، الذهب، والفضّة
بريقٌ متلألئٌ
يصبح البُعدانِ ثلاثةَ أبعادٍ
ترحيبٌ بالهندسة في "العالم الجديد"
طفلٌ باسمٌ يرحّب بهبوط الطائرة

جميعُكم عاد إلى روتينه اليومي
أفتقدُ شجرتي، عمودَ الإضاءة
يتلألئ النهرُ في الشمس الساطعة

هبط مينوتور* إلى متاهته الجديدة
المستوى التالي من اللعبة
بحثٌ عن تذكار، هديّتا عيد ميلاد، "ريفيوغو نومادا"، شاعرٌ،
اختراعٌ مثير، معبدٌ، مكان "فريدا"، وذاكرة لغتي الاسبانية،
وطريق العودة إلى أريادني**.

* في الميثولوجيا الإغريقية، مينوتور هو مخلوقٌ نِصفُه رجل ونصفه الآخر ثور. **أريادني هي ابنة مينوس ملك كريت وباسيفاي ابنة هيليوس إله الشمس. وعندما أتى ثيسيوس ليقتل مينوتور، وقعَت أريادني في حبّه ودلّته على فكرة الخيط الذي وضعه في بداية المتاهة وأرشده إلى طريق الخروج ثم حملها معه خارج الجزيرة. (المترجم)

■ ■ ■

نصب 11 سبتمبر التذكاري/ مركز تجارة عالمي واحد

إذاً، ها أنت ذا،
وجودُك حقيقيٌ
منحوتٌ في الحجارة
لا اسمَ ولا جسدَ
لكنَّك ممتلئٌ بالحياة
في عيونِ الكثيرينَ
مارةٌ يأخذون صورَ السيلفي معك
لكنك مَعْلمٌ آخر
في مدينةٍ أُخرى
على قارّةٍ أُخرى.
لكنْ أنت،
أنت لن ترى "أصل العالم"*
لن تحظى بنزهاتٍ محاذاةَ نهر "هدسون"
لا رحلة بحريةً في "النيل"
لا استحمامَ في نهر "الغانج"
لا "دانوب أزرق"
لا رحلة إلى "قلب الظلام"*

ماءُ الحياة
يَنصبُّ
حركةٌ دائبةٌ
جالبةٌ للحياة
فيضانُ الدموع
يجمّدُ العواطف،
خدودٌ محلوقةٌ جيداً تَحْمَرُّ

ذكرياتُ توأميَّ،
إنهم لا يفهمون،
الآخرون فقط يشاهدون، يشيرون،
يصوّرون،

* "أصل العالم" عنوانُ لوحة لامرأة شبه عارية رسمها غوستاف كوربيه عام 1866. ** "قلب الظلام" رواية جوزيف كونراد التي كتبها عام 1902، وتحكي عن رحلة إلى نهر الكونغو. (المترجم)

■ ■ ■

الجنّةُ محاذاة ضوء البحيرة

هذه هي الجنّة
رغم أنّ البعوض يَميل إلى البحث عن الطعام
لنسْله.
فقط جوز الهند البعيد يقطع غناء كريشنا،
يَترك مشتبهاً به واحداً،
الحضور البشري،
بينما الطيور ترسم حدود وطنها.
تطفو وتمرُّ زجاجةٌ بلاستيكيةٌ
رسالةٌ تَشِي بغطرسةٍ تَحُفُّها المخاطرُ.
يزأر رعدٌ في الأفق البعيد،
كأنّه يؤكّد تلك الملاحظة.
لم تنته الرياحُ الموسميةُ بعدُ يا سيّدي،
المطرُ يجلب الحياة.
يقفز تسونامي إلى الشاطئ،
أرواحٌ عديدةٌ تُساعد جسداً آخرَ الآن.
إنّها الأديانُ التي تقتلنا يا سيّدي،
والحدودُ.
هل يتوقّف الذبابُ عند الحدود؟
تَنْقَادُ الأسماكُ مع التيار.
فقط في الغابات الآن تتواجدُ الثعابينُ.
اعتادَتْ أن تكون في كلّ مكانٍ
وكانت تُحْترم.
كان الطريق إلى الجنّة مُكيَّفاً،
مليئاً بالثقوب.
وكلابٌ تعليميةٌ تتنافس مع القردة.
لكنّ هذا هو الطرف الآخرُ من النهر.
هنا
الطيور والفراشات تتشارك الفضاء.
لم أشعر قطُّ بوحشةِ الوَحدة،
لكنّي كنت وحدي
أشتاقُ للبيت،
ويبدو السفر رومانسياً لأوّل وهلة.
هذه الكلمات هي حارسات الخبرة.
ضفدعةٌ وحيدةٌ تهزُّ رأسَها موافقةً.

■ ■ ■

جبلُ الدُّهن

خُفِّف جبلُ الدّهن في المياه الراكدة الجنوبية
على جزيرة مونرو.
رقعةُ الجمبري تبدو مليئةً بالجثثِ
يَصرخ صقرٌ قبل العاصفة الرعدية بوهلةٍ،
تزدادُ الطبيعةُ خضرةً،
مستعدّةً لاستقبال المطر في رحمها المغمورِ للتوّ،
ألتقي بصوت البقر
تَعْتَشِبُ عند الضفاف،
تُعطي موسيقى مسجّلةً لهذه الرحلة.

نغطِّي العالمَ بسكّر السليولوز
أملاً في الحفاظِ عليه
على الرغم من اقترابِ موعدِ انتهائه.

نصفُ ساعةٍ، قالها قبل ساعة،
ذاك المطرُ الخفيفُ أصبح مُغْرِقاً.
قاتَلَ "ثُور" بقوةٍ حقيقيةٍ،
لكنّه قاتَلَ على أرضٍ أجنبيةٍ عنه.
عينٌ ثالثةٌ تلُوحُ في الأفقِ عند الجانب الآخر
لشساعة الماء
الممتلئِ.
هناك أزرق في مكان ما
بين أكسيد الرصاص الترابي
والاخضرار.

 

Philip Meersman شاعر من بلجيكا من مواليد 1971. ترجمة: مصعب أبو توهة.

المساهمون