"نهاية".. هل نحن بحاجة إلى الموت كي نعرف كيف نعيش؟

27 يونيو 2024
من العرض (تصوير: فانيسا ربادي)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في "الليلة الأخيرة من نهاية العالم" لراي برادبري، يعيش زوجان اللحظات الأخيرة بروتينهما اليومي، ممزوجة بالمشاعر العميقة، ما يعكس تقدير الحياة البسيطة.
- مسرحية "النهاية" تقدم لينا، امرأة في الأربعينيات، تواجه نهاية العالم بمفردها، ما يطرح تساؤلات حول الحياة، الأحلام، والرغبات غير المحققة.
- تترك المسرحية الإسبانية "النهاية" الأسئلة مفتوحة حول معنى الحياة والموت، داعية الجمهور للتأمل في كيفية عيشهم لحياتهم وتحقيق أحلامهم.

في قصّة "الليلة الأخيرة من نهاية العالم"، يصف القاصّ وكاتب السيناريو الأميركي راي برادبري (1920 - 2012) زوجين يواجهان تلك الساعات الحاسمة بممارسة المهام نفسها التي يقومان بها كلّ يوم: غسل أطباق العشاء، وضع الأطفال في السرير، السماع إلى الموسيقى الهادئة قبل النوم ومشاهدة جمر المدفأة يتراقص، وأيضاً بعض القبلات الحميمة لإضافة شيء من المشاعر والعواطف على المشهد.

في مسرحية "النهاية"، من تأليف المسرحي الإسباني باكو غوميز وإخراج خوسيه مارتريت، والتي تُعرض حالياً في "المسرح الإسباني" بمدريد، وتستمر حتى الرابع عشر من تموز/ يوليو المقبل، لا يتغيّر المشهد كثيراً.

على خشبة العرض، تُحكى أمامنا قصّة نهاية العالم، ولكن بطلتها امرأة تُدعى لينا، وهي في الأربعينيات تقريباً وتعمل في مدرسة ثانوية. إنّها البطلة الوحيدة والمطلقة في العمل. ليس هناك أبطال مفتولو العضلات، ولا عالِمٌ يبدو مجنوناً. ليس ثمّة أيضاً رجل مليء بالنوايا الحسنة يريد أن ينقذ العالم. امرأة واحدة لا غير، بمجرّد أن يبدأ العرض، تسمع من امرأة أُخرى، رئيسة حكومة بلادها، أنَّ أمامها عشر ساعاتٍ لا غير لتوديع العالَم.

هكذا تبدأ جميع تلك الرغبات والأفكار التي كانت موجودة في جسدها وعقلها بالظهور، حتى تلك التي كانت تحاول أن تنساها، أو تقمعها أو تخفيها أو تتجنّبها، لأسباب واعية أو غير واعية. ولكن الوقت غير كاف لتنفيذ أيّ منها.

هنا تحديداً يبدأ الفصل الثاني من المسرحية في مونولوغ طويل تتحدّث فيه لينا مع نفسها. ربما ليست محادثة أكثر من كونها أسئلة توجّهها لنفسها، ولنا نحن المشاهدين. أسئلة من نوع: هل حقّاً قضيت أربعين سنة من حياتي ولم أحقّق شيئاً حقيقياً ممّا أرغب؟ ما فائدة الحياة إن لم تكن من أجل تكريس أحلامنا ورغباتنا وحاجاتنا؟ ولماذا نعيش في هذا العالم إن لم نكن قادرين على تحقيق ما نشعر به في الداخل؟ ولماذا لا يتناسب هذا الخارج المظلم مع أعماقنا المظلمة وأسرارها الدفينة؟ وإن كانت الحياة قاسية إلى هذه الدرجة، فما معنى استمراريتها؟

لا تقدّم مسرحية "النهاية" إجابات عن هذه الأسئلة، بل تترك التساؤلات مفتوحة. إنّها مسرحية أسئلة أكثر منها أجوبة، مسرحية للتفاعل والتفكير والتأمّل. وهي دعوة للتفكير في معنى مرورنا في هذه الحياة، ومعنى الأحلام والرغبات، ما تحقّق منها وما لم يتحقّق. إنّها أيضاً تقوم على فرضية نهاية العالم للتفكير في حياتنا. فهل نحن بحاجة إلى الموت حتى نعرف كيف نعيش؟

المساهمون