استمع إلى الملخص
- الرواية القطرية والنقد: ناقش المشاركون تطور الرواية القطرية منذ 2005، مع التركيز على غياب النقد العربي وتحديات مثل محدودية الخيال، مع الإشارة إلى دور الكاتبات القطريات.
- ندوات المهرجان: شملت ندوات حول "الرواية والمجتمع"، "الرواية والاغتراب"، و"الرواية العربية في ظل الذكاء الاصطناعي"، بالإضافة إلى ورش عمل متنوعة، مما يعكس تنوع المهرجان.
يقام عند السابعة والنصف من مساء اليوم الخميس، في "المؤسسة العامة للحي الثقافي- كتارا" بالدوحة، حفل تسليم الفائزين بـ"جائزة كتارا للرواية العربية" في دورتها العاشرة ضمن ست فئات، وهي: الروايات المنشورة، وغير المنشورة، وروايات الفتيان، والدراسات في نقد الرواية، والرواية التاريخية، والرواية القطرية.
ويأتي الحفل ختاماً لـ"مهرجان كتارا للرواية العربية" الذي اشتمل على ستّ ندوات، حيث عُقدت أمس الأربعاء ندوة بعنوان "الرواية القطرية وعلاقتها بالنقد الأدبي"، بمشاركة أستاذ الدراما والنقد المسرحي والروائي أحمد عبد الملك، والكاتب مرزوق بشير، والكاتبة والناقدة هدى النعيمي.
الرواية القطرية والنقد
وأشار الروائيون القطريون الثلاثة إلى غياب النقد العربي للرواية القطرية، وأن صدور ما يزيد عن 250 رواية قطرية حتى اليوم يعدّ إضافة حديثة للمشهد الأدبي العربي، حيث بدأت بالظهور بشكل ملحوظ بعد عام 2005، وشهدت تطوراً بالكم والنوع، متجاوزة بداياتها المتواضعة في التسعينيات، إلى مرحلة نضج في العقدين الماضيين.
ويُعزى هذا التطور إلى تفاعل الأدب القطري مع الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي، بحسب المشاركين، ما جعل الروايات تعبر عن الهوية الوطنية والثقافية، وتلعب دوراً في تقديم صورة المجتمع القطري وتحولاته عبر الزمن.
وفي تشخيصه إشكاليات الرواية القطرية، رأى عبد الملك (الفائز بجائزة "كتارا" للرواية العربية عن فئة الرواية القطرية المنشورة دورة 2022)، أن الكثير من الكتّاب لم يدرسوا خصائص الرواية، وتاهوا بين الشخصيات السوسولوجية التي مثّلت المجتمع القطري، وضاعوا في الزمان والمكان والشخصيات واللغة، إلى جانب محدودية الخيال، فالفن السردي والرواية يعتمدان على الخيال في المقام الأول.
أما مرزوق فنبّه إلى أهمية التفريق بين المقال الصحافي الذي يروّج لرواية منشورة، وبين من يتولى "المديح الانطباعي" الذي خلّق "مقدسات" من الكتّاب وبعضهم من أجيال صغيرة، مؤكداً ضرورة أن يتعامل الناقد مع العمل الروائي بوصفه كياناً مستقلاً حتى عمن كتبه، وألا يقارن فيه بين الواقع ونص العمل.
وترى النعيمي أن الكتابة بالأساس فعل حرية، يرجع فيه الروائي إلى الماضي والتاريخ، ويذهب نحو المستقبل ويخترع عالماً متخيلاً، لافتة إلى أن حضور الرواية القطرية "ضعيف" عربياً، وقلما تجد صحيفة خارج قطر تتناول رواية قطرية.
ورداً على سؤال حول الرواية القطرية النسائية، أوضحت أن هناك احتفاء محلياً بها، لافتة إلى أن الأختين شعاع ودلال خليفة أول قطريتين كتبتا الرواية، حيث أصدرت شعاع روايتها الأولى "العبور إلى الحقيقة" عام 1987، بينما نشرت دلال روايتها الأولى "أسطورة الإنسان والبحيرة" سنة 1993.
الرواية والمجتمع
وحفِل المهرجان بندوات حوارية وفكرية في الأيام الماضية، حيث حملت أولى ندوات المهرجان عنوان "الرواية والمجتمع"، وتحدث فيها الكاتب السوداني أيمن خير عن الرواية العربية الحديثة، بما فيها من ثراء ثقافي واجتماعي، بأنها ليست فقط أداة للتسلية أو الإمتاع الأدبي، بل هي أيضاً وسيلة للتفكير والتغيير، تعكس هموم المجتمع وتحكي قصصه بصدق وقوة، وهذا التنوع الثقافي والتراثي هو ما يضمن لها القدرة على التواصل مع الأجيال المقبلة، والبقاء جزءاً أساسياً من الهوية الثقافية المشتركة. ورأى الكاتب الأريتري هاشم محمود أن القضايا المجتمعية بمفهومها الواسع وجدت ضالتها في السرد، ومن ثم في الرواية بوصفها أكثر الأجناس الأدبية استيعاباً لحياة البشر وما يطرأ عليها من موجات، وما يتخللها من حركات ومساع لتأصيل القيم والمبادئ والهوية وصولا إلى الحياة المشتهاة هدفاً أسمى، يتوق إليه هذا الجنس الأدبي الرفيع "الرواية".
الإبداع الروائي العربي ووسائط التواصل
وناقشت الندوة الثانية الرواية العربية وشبكات التواصل الاجتماعي والعلاقة بين الإبداع الروائي العربي المعاصر ووسائط التواصل الاجتماعي ودرجة التأثير والتأثر بينهما، وكيفية تقديم الروائي نفسه لجمهور هذه الوسائط.
وأكد الروائي فيصل الأنصاري، الحائز على "جائزة كتارا للرواية العربية" عام 2021 عن فئة اليافعين، أن تكنولوجيا الاتصال المعاصرة صنعت واقعاً حيوياً ومتجدداً، وفتحت أمام الكتاب والقراء فرصاً جديدة للتواصل لم تكن موجودة قبلها، كما حققت نقلة نوعية في العلاقة بين الروائيين وقرائهم، داعياً إلى التعامل مع هذه العلاقة بشجاعة ومنطقية.
ودعت الروائية والإعلامية أسيل سامي إلى ضرورة تفاعل الروائيين مع هذه الوسائط لأنها وسيلة بارزة لتوصيل أفكارهم إلى الآخرين، موضحة أن العبرة تكمن في المحتوى الذي يريد الكاتب نشره، وكيفية تقديم نفسه للجمهور والمتابعين، كما لفتت إلى الطبيعة الخاصة للاستجابة للمنشورات على هذه الوسائط من خلال "الإعجاب"، لأن المتابعين في الغالب هم من أصدقاء الكاتب أو المقربين إليه، ولذلك يحرصون على مجاملته.
الرواية والاغتراب
وبعنوان "الرواية والاغتراب: الكتابة في الغربة والغربة في المكان"، جاءت الندوة الثالثة بمشاركة منتجة الأفلام والروائية السويدية من أصل عراقي ميسلون فاخر، والروائي والصحافي السوري عبد الله مكسور.
ونبهت فاخر إلى أن اغتراب الكاتب قد يكون ذاتياً من المبدع نفسه، وتكون الكتابة عنده هي الملاذ، متسائلة عن دواعي وأسباب الاغتراب الذاتي، إذ إن الاغتراب الداخلي هو حالة نفسية وتنتج أدباً جميلاً وأعمالاً تبقى للإنسانية.
وقارب مكسور مصطلح الاغتراب في سياقه العربي والغربي واختلافهما. ذاكراً تعريف أبي حيان التوحيدي للاغتراب حين قال: "أغرب الغرباء من صار غريباً في وطنه. وأبعد البعداء من كان بعيداً في محل قربه، فإذا تحدث لم يُسمع وإذا ظهر لم يدر حوله، وإذا تنفس كتم الأسى، وإذا كتم أفسد".
في دراسة الأديان
وشهد المهرجان ندوة حول "أدبيات علمية حديثة في دراسات الأديان"، تحدث فيها الباحث في "مركز الدوحة لحوار الأديان" سيكو مارفا توري عن دور المركز في خلق جسور تعاون بين الأديان والشعوب، وتناول الباحث في الحضارة الإسلامية مختار خواجة الصورة الذهنية لدى الغرب عن المسلمين والعكس، باعتبار أن هذه الصورة أصبحت مؤثرة في التواصل بين الثقافات والحضارات، بالسلب أو الإيجاب. وتحدثت الخبيرة في مجال التحالف السلمي هند الحمادي عن تجربة قطر في التسامح وحوار الأديان.
فيما تناول الباحث والصحافي المريري العلاقات بين الشرق والغرب قبل وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وتطرق إلى قضية فلسطين وكيف يتعامل معها العالم.
ندوت وفعاليات أخرى
وتحدث في ندوة "الرواية المغربية النشأة والامتداد" الناقد المغربي عبد الرحيم العلام عن "الرواية" للتهامي الوزاني من النشأة إلى سؤال الكتابة والتلقي، وتناولت الناقدة والروائية زهور كرام التكوّن والتحول.
وتمحورت الندوة الأخيرة عن "الرواية العربية في ظل الذكاء الاصطناعي"، وتحدث الروائي الجزائري واسيني الأعرج عن حدود الذكاء الاصطناعي في التخيل الروائي، وعنون الروائي السوداني أمير تاج السر مداخلته بـ"نكتب ويكتب الذكاء الاصطناعي للسرد"، فيما تطرق الكاتب المصري إبراهيم عبد الحميد إلى" قضايا حاضرة وأخرى غائبة في الذكاء الاصطناعي والرواية".
ونظم المهرجان أيضاً ورشة "الفانتازيا في الرواية العربية"، التي تناولت نماذج تطبيقية للرواية الخيالية أو رواية الفانتازيا المعاصرة وأشكالها، بما في ذلك نموذج أو أكثر للروايات ذات الحبكات المتعددة، أو ما يسمى بالحبكة المركبة. كما نظمت ورشة حول روايات الفتيان والفن التشكيلي، تخللها تطبيق عملي على رسومات من وحي بعض الروايات الفائزة بـ"جائزة كتارا للرواية" في فئة روايات الفتيان.