لم تعدِ الأخبار حول قرارات الإزالة والتجريف والهدم التي تُصدرُها جهات حكومية مصرية بحقّ معالم أثرية ومبان تراثية تقولُ جديداً، إذ يكادُ لا يمرّ يومٌ إلّا وينضافُ مدفنٌ هنا أو موقعٌ ثقافيّ هناك إلى قائمة تضربُ كلّ ما يظهر في طريقها، سواء كانت المَعالم لقادة سياسيين أو أدباء وفنانين.
وإذا كانت قرارات كهذه تتكثّف في المركزي القاهري، حيث تجد لنفسها مسوّغات إدارية من قبيل "تطوير الخطة العمرانية"، أو مدّ شبكة الكباري (الجسور) والتوسيعات الطرقية، فإنّ مُدناً أُخرى، على انقطاعها وبُعدها عن المركز، لم تنجُ بدورها من حُمّى "التطوير" هذه.
في حزيران/ يونيو الماضي أعلنَ رئيس "الهيئة العامّة لقصور الثقافة"، هشام عطوة، أن مبنى "قصر ثقافة العقّاد"، الواقع في مسقط رأس الأديب عباس محمود العقّاد (1889 - 1964)، أي في مدينة أسوان (850 كم جنوب القاهرة)، والذي يستضيف أنشطة ثقافية مختلفة من الحرف التراثية والورش الفنية وأشغال يدوية وندوات، سيتمّ ترميمه خلال عام 2022 ليظهر بشكل لائق، على حدّ تعبيره.
ولكنّ ما حدث قبل أيام شكّل صدمة في الأوساط الثقافية المصرية، إذ نقلت إحدى الصحف المحلية أنباءً عن البدء بعمليات إخلاء المنزل تمهيداً لإزالته؛ استناداً إلى تقرير فنّي لكلّية الهندسة في "جامعة أسوان"، وهذا ما أثار ردود فعلٍ مختلفة عند مثقّفين وكتّاب عبّروا عن استيائهم ممّا يُشاع عن هذه الإجراءات.
من جهتها، صرّحت حفيدة الأديب، رشا العقّاد، أن العائلة يصعبُ عليها تحمّل تكاليف الترميم دون أن تتلقّى الدعم الكافي من الجهات الحكومية التي وَعدت بذلك، مؤكّدة في الوقت نفسه أنّ قراراً بالإخلاء والإزالة لم يُفرض أو يصدر بعد.
ورغم مرور أكثر من ستة أشهر على تصريحات رئيس "الهيئة العامة لقصور الثقافة" حول ترميم المنزل (الذي بُني عام 1948 على مساحة 220 متراً مربّعاً)، وكذلك دعوة "اللجنة الدائمة لحصر المباني ذات الطراز المعماري المتميّز والمباني غير الآيلة للسقوط"، في آب/ أغسطس الماضي للتدخُّل العاجل لمعاينة المبنى، إلّا أن شيئاً من ذلك لم يحدث.