استمع إلى الملخص
- الجائزة تهدف لتسليط الضوء على الأدب الجزائري عالميًا لكنها أخفقت في تحقيق هذا الهدف منذ إطلاقها عام 2015، مع عدم الترويج للكتّاب الفائزين أو ترجمة أعمالهم، وقيمتها المالية متواضعة.
- القائمون على الجائزة لم ينجحوا في الاحتفاظ بموعد ثابت لتنظيم الحفل، وتفتقر الجائزة إلى تقديم قيمة مضافة للكاتب والكتاب، مما يجعلها غير مستحقة لتسمية "جائزة كبرى".
وصلَت "الجائزة الكبرى للرواية آسيا جبار"، التي تُنظّمها "المؤسّسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار" في الجزائر، إلى سنتها التاسعة، ولا يبدو أنّ بِوَارد القائمين عليها أيّة نية لتطويرها؛ أقلُّه حتى تكون جائزةً "كُبرى" فعلاً مثلما نقرأ في اسمها، وتقديراً لـ الكاتبة الجزائرية الراحلة (1938 - 2015)، التي تحمل اسمَها.
يُخبرنا بذلك حفلُ إعلان وتسليم جوائز الدورة السابعة مساء الثلاثاء الماضي؛ والتي عادت إلى كلٍّ من: إنعام بيّوض عن روايتها "هُوّارية" باللغة العربية، والهاشمي كرّاش عن "1954، تلالي أوسيرم" بالأمازيغية، وعبد العزيز عثماني عن "القمر المفتَّت" بالفرنسية. كما في كلّ مرّة، انصبّ التركيز على حضور الرسميّين وكلماتهم، وعلى الشيكات الكبيرة (حجم الشيكات نفسها)، بينما غاب أيُّ حديث عن الروايات الفائزة.
هل ينبغي أن نُذكّر بأنّ كلّ جوائز الدنيا تُرفِق الإعلان عن الفائزين بتقرير تُوضّح فيه لجنةُ التحكيم الأسباب الموضوعية وراء اختيار روايةٍ دون غيرها، وهو بمثابة دعوة لقراءتها، فضلاً عن تقرير عامّ حول الأعمال المشارِكة في كلّ دورة، والذي يُفيد كمؤشّر في فهم اتّجاهات الكتابة خلال فترة معيَّنة؟
يجري التعامُل مع تقرير لجنة التحكيم كما لو كان سرّاً لا يجوز إفشاؤه
في حالة "الجائزة الكبرى للرواية آسيا جبّار"، لا نعرف عن الروايات الفائزة سوى عناوينها؛ إذ لا إشارة في الحفل إلى تقرير لجنة التحكيم، كما أنّه ليس متاحاً للاطّلاع في صفحات "المؤسّسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار" على مواقع التواصل، ولا في موقعها الإلكتروني الذي لم يُحدِّث بياناته عن الجائزة منذ دورة 2022، ولا في الموقع الإلكتروني الخاصّ بالجائزة.
لا يعني ذلك أنّ التقارير غير موجودة. لكنّ الغريب أن يجري التعامُل معها كما لو كانت سرّاً لا يجوز إفشاؤه، بينما ينبغي أن تكون جزءاً أساسياً في أيّ خبر صحافي يُكتب عن الجائزة التي لا نستطيع إلّا أن نتذكّر أنّها مُنحت، في دورة سابقة، لرواية غير التي اختارتها لجنةُ التحكيم وكتبت حولها تقريرها، وفق شهادة عضوٍ في لجنة التحكيم نفسها.
الجائزةُ، التي يقول منظّموها إنّها تهدف إلى "تسليط الضوء على ثراء الأدب الجزائري وإبرازه على الصعيد العالمي" ولا يتردّدون في وصفها بـ"المرموقة" مثلما ورد في إعلان قائمتها الطويلة في نهاية أيار/ مايو الماضي، أخفقت، منذ إطلاقها عام 2015، في أن تُشكّل حالةً مهمّة؛ ففضلاً عن قيمتها المالية المتواضعة (قرابة خمسة آلاف دولار فقط)، لم تُسهم في التعريف بأيّ من الكتّاب الفائزين والترويج لرواياتهم أو ترجمتها. وخلال هذه السنوات التسع، لم يجرِ إدخال تطويرات جدّية على طريقة عملها، باستثناء اعتماد نظام القوائم ابتداءً من عام 2022، حين عادت بعد انقطاع سنتَين بسبب جائحة كورونا، في واحدة من الحالات النادرة عالمياً التي تتوقّف فيها جائزةٌ أدبية بسبب الجائحة. وإلى اليوم، لا تزال الجائزة توصد أبوابها أمام الروايات الجزائرية التي تصدر عن دُور نشر عربية وأجنبية، من دون سبب واضح.
ومن اللافت، أيضاً، أنّ القائمين عليها أخفقوا حتّى في الاحتفاظ بموعد قارّ لتنظيم حفل إعلان الجوائز وتوزيعها، والذي يُفترَض أن يكون في الثلاثين من حزيران/ يونيو من كلّ عام، وهو تاريخ ميلاد آسيا جبّار؛ حيث تأخّر في دورتها الحالية مثلاً إلى السابع من تمّوز/ يوليو.
ما يجعل من أيّة جائزة أدبية جائزة كبيرة، إضافةً إلى قيمتها المادّية، هو تقديمها قيمةً مضافةً للكاتب والكِتاب، وإيصالهما إلى قرّاء آخرين ولغات أُخرى، وهذه شروطٌ لا تتوفّر حتّى الآن في "الجائزة الكبرى للرواية آسيا جبار"، التي يُفترض أن يعمل القائمون عليها للاستجابة لهذه الشروط، أو يغيّروا تسميتها على الأقل، لتُصبح ببساطة "جائزة آسيا جبّار للرواية"... وهذا لن يعيبهم ولن يعيبها.