مذكّرات خير الدين التونسي.. طبعة ثانية

22 اغسطس 2024
توثق المذكرات الفترة التي عاشها المصلح التونسي (1820 - 1890)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في مذكراته، يكشف خير الدين باشا عن أصوله الشركسية وتجربته في إسطنبول وتونس، حيث لعب دوراً بارزاً في إصلاح الإدارة والتعليم والاقتصاد.
- نُشرت مذكراته لأول مرة عام 2008، ثم صدرت طبعة ثانية بترجمة محمد العربي السنوسي، وتضمنت أربعة أبواب تناولت تجاربه وأفكاره الإصلاحية.
- تتناول المذكرات مناصبه العليا، نقده لتاريخ الحضارتين العربية والعثمانية، أفكاره حول بناء دولة حديثة، وموقفه من مصطفى خزنه دار والإمبراطورية العثمانية وفرنسا.

في السنوات الأخيرة من حياته، عكِف الإصلاحي ورجل الدولة التونسي خير الدين باشا (1820 - 1890) على كتابة مذكراته، التي يتحدث فيها عن مسائل عديدة منها نسبه وأصوله التي تعود إلى بلاد الشركس؛ حيث يقول في المذكّرات: "لقد وقع اختطافي، إثر بعض الحروب أو عند بعض الهجرات، في سن مبكرة جدّاً، من عائلتي"، ليشكّل ذلك انعفطافة في حياته الشخصية، وفي التاريخ التونسي والعثماني، من خلال أدواره التي لعبها في إصلاح الإدارة والتعليم والاقتصاد بتونس.

ظلّت المذكّرات مهملة لأكثر من مئة عام، قد أن تُنشر عام 2008 عن "المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون" (بيت الحكمة)، وفيها يكشف خير الدين باشا كيف تم اختطافه طفلاً، ليخدم لدى القاضي العسكري تحسين باي في إسطنبول، الذي قدّمه لاحقاً إلى أحد وكلاء القصر البايلكي في تونس، لينتقل هذا الشاب إلى قصر البايات الحسينيين.

عن "بيت الحكمة"، صدرت طبعة ثانية منقحة ومزيدة من المذكرات التي ترجمها عن أصلها الفرنسي، الباحث التونسي محمد العربي السنوسي، مع تدقيق وبحث في المراجع التاريخية التي توثق الفترة ذاتها التي عاشها خير الدين التونسي، بتقديم الباحث التونسي عبد الوهاب بوحديبة (1932 - 2020).

تشمل المذكرات أربعة أبواب خُصّص كل منها لطرح تجارب وأفكار المصلح التونسي

يبيّن بوحديبة أن معظم القرّاء اقتصر على ما جاء في كتاب "أقوم المسالك في أحوال الممالك"؛ لتحليل أفكار خير الدين الإصلاحية، "ممّا جعلهم يسيئون فهمه أحياناً ولا يستوفونه حقّه. ولعل ذلك راجع إلى أنّهم لم يتمكّنوا، على الأرجح، من الإطلاع على مذكّراته التي حرّرها باللغة الفرنسيّة وأملاها على كاتبه الخاصّ. ولقد تمكّن محمد صالح مزالي من الحصول على الكرّاسات التي تحوي هذه المذكّرات وكذلك معظم وثائقه ومراسلاته بالعربيّة والفرنسيّة من ابنه محمد الطاهر خير الدين".

ويشير أيضاً إلى أنّ المذكرات نُشرت بالفرنسيّة سنة 1971 بعدد محدود من النسخ، ونفدت بسرعة وغدا من الضروري ترجمتها إلى العربيّة لتمكين أجيال جديدة من الباحثين والقرّاء من الإطلاع عليها ومن إعادة النظر في موقف خير الدين من صهره مصطفى خزنه دار ومظالمه المخزية، وكذلك في موقفه من الإمبراطورية العثمانيّة ومن فرنسا، وسعيه إلى إبقاء نوع من التوازن، حماية لتونس من الاحتلال، وقد بدأت بوادره تظهر في آخر أيّامه عندما كان وزيراً أكبر للصادق باي.

تشتمل المذكرات على أربعة أبواب خُصّص كلّ منها لطرح تجارب وأفكار المصلح التونسي، إذ حمل الباب الأول عنوان "المذكرة الأولى: إلى أولادي، حياتي الخاصة والسياسية"، ويوثق تجارب خير الدين باشا مع أهم المناصب التي تقلدها، وتحديداً منصبَي الوزير الأكبر في تونس، والصدر الأعظم في الإمبراطورية العثمانية في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، بما تحمله كل تجربة من تفاصيل تاريخية نحتت فكر وتصور مؤلّفها الحداثي.

وتستعرض المذكرة الثانية برنامج خير الدين باشا، من خلال تقديم قراءة نقدية لتاريخ الحضارتين العربية والعثمانية، وطرح أفكاره المتعلقة بكيفية بناء دولة حديثة من دون التعارض مع قيم الإسلام، ومع احترام خصوصيات الشعوب، بينما أفردت المذكرة الثالثة "القضية التونسية على ضوء المسألة الشرقية" للحديث عن مصطفى خزنه دار.

واختتم الكتاب بالمذكرة الرابعة "إجابة على افتراء أو إظهار حق" التي تضمّ مجموعة من الإيضاحات التاريخية حول ما نُسب إليه في تلك الفترة، من ذلك اتهامه بالمساهمة في دخول الاستعمار الفرنسي إلى تونس.

المساهمون