استمع إلى الملخص
- الجائزة مستقلة وتتألف لجنتها من أكاديميين وكتّاب بالتعاون مع جهات شعبية عربية، وقد تم اختيار شقير للجائزة تقديرًا لدوره في الدفاع عن القضية الفلسطينية عبر الأدب دون ترشحه الشخصي.
- يركز شقير في أعماله على تعزيز التضامن مع الشعب الفلسطيني وتسليط الضوء على الحياة اليومية والمقاومة في فلسطين، مؤكدًا على أهمية الأدب في فضح الادعاءات الكاذبة حول القضية الفلسطينية ويعمل على مشاريع جديدة تعكس تجربته الأدبية.
عد منحها للشاعرة والناقدة والمترجمة سلمى الخضراء الجيوسي في دورتها الأُولى عام 2019 ثمّ للروائي إبراهيم نصر الله عام 2021، أعلن القائمون على "جائزة فلسطين العالمية للآداب"، قبل أيام، منحها في دورتها لعام 2023 للروائي والقاصّ الفلسطيني محمود شقير (1941).
لا تتوفّر معطياتٌ كافية عن الجهة المانحة للجائزة؛ إذ يكتفي القائمون عليها بالقول إنّها جائزة عالمية غير حكومية أطلقها عددٌ من المثقّفين والأكاديميّين في الغرب، وتُمنح لكتب عن فلسطين والقضية الفلسطينية.
جائزةٌ مستقلّة
حول هذه الجزئية، يوضّح محمود شقير، لـ "العربي الجديد"، أنّ "الجهة المانحة للجائزة، كما عرفتُ من المنشور التعريفي الذي نشرته مؤسّسة الجائزة، تتألّف من أكاديميّين وكتّاب مقيمين في أوروبا والولايات المتّحدة بالتعاون مع جهات شعبية في الوطن العربي، وهي جائزةٌ مستقلّةٌ ولا تتلقّى تمويلاً من أيّة دولة، ولا ترتبط بأيّ نظام حُكم".
لم أتقدّم لنيل الجائزة، بل هي التي تقدّمت لي
وقال شقير: "منسّق الجائزة مقيمٌ في نيويورك، وقد كان على اتّصال بي، وأكّد لي أنّ الكشف عن أسماء اللجنة غير ممكن في الظروف الراهنة التي تحيط بكلّ ما له علاقة بفلسطين"، مُضيفاً أنّه لم يُرشّح نفسه للجائزة، بل رشّحته اللجنة "التي تأخذ على عاتقها النظر في كتابات مَن ترى أنّهم يستحقّون الفوز، ثمّ يقوم منسّق الجائزة بالتواصل مع الفائز".
وذكَر صاحبُ رواية "فرس العائلة" (2013) أنّ "المؤسَّسة تمنح الجائزة كلَّ سنتين عن كتب مكرَّسة لفلسطين والقضية الفلسطينية، بواقع خمسة كتب في فروع الأدب المختلفة، ومن ضمنها أدب الأطفال، بقيمة خمسة آلاف دولار عن كلّ كتاب فائز"، لافتاً إلى أنّ المؤسّسة لا تُقيم حفلاً لتوزيع الجوائز، و"ذلك لتوفير النفقات التي يُمكن استثمارها في مواقع أُخرى لخدمة القضية الفلسطينية".
ورأى شقير أنّ فوزه بالجائزة يعني له الكثير، "خصوصاً أنّ فيه اعترافاً بأهمّية الدفاع عن القضية الفلسطينية، وعن القدس، عبر الأدب الذي يحترم الشروط الفنّية"، ثمّ إنّني أفوز بجائزة مستقلّة لا ترتبط بأيّ نظام حُكم أو أيّة دولة"، وتابع: "ثمّ إنّني لم أتقدّم لنيل الجائزة، بل هي التي تقدّمت لي وجعلتني من دون علمي الفائز بها".
الأدب في زمن الإبادة
حول دور الأدب والفنون في زمن الإبادة الجماعية التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزّة، أشار صاحب "أنا والكتابة: من ألف باء اللغة إلى بحر الكلمات" (2018) إلى ضرورة "تحفيز الأدب والفنّ على الاضطلاع بالدور المطلوب منهما في الدفاع عن عدالة القضية الفلسطينية، وفضح كلّ الادعاءات الكاذبة عن أخلاقية الغزاة وعن احترام داعميهم في الولايات المتحّدة وبعض البلدان الأوروبية لمعايير القوانين الدولية الإنسانية"، مُضيفاً: "هذا التوحّش الرهيب، وعمليات التدمير والقتل والإبادة التي تشاهدها شعوب العالم أجمع كلَّ يوم، لا تترك أيّة فرصة لحجب الحقيقة".
بوسع الأدب النهوض بدور في تعزيز التضامُن مع فلسطين
يعتقد محمود شقير أنّ في وسع الأدب والفنون النهوض بدورهما في تعزيز التضامُن مع الشعب الفلسطيني في الأوساط الشعبية والطلّابية عبر العالم، والتي "لا تزال تجهل حقيقة العدوان الذي تتعرّض له قضيتنا العادلة"، مُردفاً: "هنا بالذات، لا بدّ للأدباء والفنّانين من تخليد هذه المعاناة وتلك التضحيات التي قدّمها وما زال يقدّمها الشعب الفلسطيني، أوّلاً في قطاع غزّة، وثانياً في الضفّة الغربية والقدس وسائر الأمكنة، لتظلّ شاهداً حيّاً على فداحة العدوان، وعلى طهارة الدماء التي أُريقت من أجل الحرّية والكرامة والاستقلال".
منذ الستّينيات
تشتبك تجربة صاحب مجموعة "الولد الفلسطيني" (1977) مع الواقع الذي سجّله منذ بداياته مع القصّة القصيرة مطلع ستّينيات القرن الماضي، ضمن سردٍ يركّز على تصوير الحياة اليومية في الريف الفلسطيني وأحوال المجتمع وسبر تفاصيله الدقيقة، وكذلك رصد تداعيات الأحداث الكبرى في المنطقة وانعكاساتها الثقافية والاجتماعية والسياسية.
تميّزت هذه التجربة بمقاربة واقعية تسجيلية للعلاقة بين المدينة والريف الذي كانَ مسرح أحداث نصوصه الأُولى في مرحلة ما بعد النكبة، قبل أن تنحو، بعد هزيمة حزيران/ يونيو1967، إلى التعبير عن المقاوَمة ضدّ الاحتلال والقمع، والاحتفاء بشخصية المرأة المقاوِمة، إلى جانب الاهتمام بدور المثقّف الملتزم.
كما اشتغل الكاتب، الذي تبنّى أيديولوجيا ماركسية منذ منتصف الستّينيات، على تنويع مضامين الفنّ القصصي الذي أخلص له طوال أكثر من ستّة عقود، والاعتناء بلغة مبسَّطة تحمل عمقاً في إيصال الأفكار والمشاعر، مع نزوع دائم نحو التجريب، عبر توظيف تقنيات وأساليب مختلفة، إضافة إلى تجربته المميّزة في فنّ القصّة القصيرة جدّاً، وأيضاً في كتب السيرة والمذكّرات.
نصوص جديدة
وتستمرّ هذه التجربة من خلال نصوصٍ جديدة للكاتب المقدسيّ سترى النور قريباً؛ حيث يكشف، في ختام حديثه إلى "العربي الجديد": "لديَّ مخطوطة روائية للكبار أصف فيها زماننا الراهن، وما في مجتمعنا من سلبيات يُسهم الاحتلال الصهيوني في ترسيخها وتعزيز حضورها لكي تواصل شرذمتنا وحرماننا من الإحساس بالأمن والأمان"، لافتاً إلى أنّ هذا العمل سيصدر عن "دار هاشيت أنطوان/ نوفل" في بيروت في غضون شهرَين.
وتابع: "لديَّ، أيضاً، مخطوطةٌ روائية للفتيات والفتيان أُركّز فيها على متعة القراءة، وعلى بعض القيم الوطنية التي لا بدّ من ترسيخها في وعي الجيل الصاعد، لكي يبقى الوطن حاضراً في حياته. كما أشتغل، حاليّاً، على سردية قصصية تتحدّث، بلغة شاعرية وبتقشّف لغوي اعتدتُه في كتابة قصصي القصيرة جدّاً، عن حرب الإبادة التي تدور رحاها الآن في قطاع غزّة، من خلال بطلة شابّة هي حفيدتي التي تعيش أجواء الحرب ومآسيها مع جموع الناس الطيّبين من نساء وأطفال ورجال هناك".