- عفيفة يركز في أعماله على الرسالة البصرية دون الحاجة إلى نصوص دعائية، مستخدمًا إعادة إنتاج أعمال فنية شهيرة ومزج الأحداث لخلق حالات بصرية جديدة تحمل رسائل سياسية وإنسانية.
- الفنان يؤكد على دور الفن في صياغة ثقافة وهوية الشعوب وتقديمها للعالم، معتبرًا أعماله وثائق تاريخية تسعى لكسر هيمنة الدعاية الصهيونية وإرباك روحها المعنوية من خلال خلخلة عقيدتها الفكرية.
حتى مساء الأحد المقبل، يتواصل في فضاء "فن وشاي" بعمّان معرض "مجموعة ملصقات فلسطين" للفنان ورسّام الكاريكاتير الفلسطيني الأردني محمد عفيفة الذي افتتح عند السادسة من مساء الخميس الماضي.
في حديثه إلى "العربي الجديد"، يقول عفيفة إن "فكرة المعرض انبثقت مع بدء العدوان الصهيوني على غزّة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، في لحظةٍ تاريخية يعي المرء أن موقفه يبقى للأجيال المقبلة"، موضحاً أنه اختار فن البوستر لما يتركه من أثر في توجيه الجمهور وتحريك عقولهم، حيث يمكن وصفه بـ"فن الخطابة البصري" الذي بمقدوره أن يتجاوز اللحظة ليعبر إلى زمن آخر ليكون بمثابة وثيقة تاريخية إنسانية وجمالية.
ويضيف: "تم بناء الأعمال على مبدأ الرسالة البصرية دون الحاجة إلى أي نصوص دعائية مباشر، ليتم تحفيز المتلقي، بغض النظر عن خلفيته الثقافية، للتفاعل مع الأعمال واستيعاب رسائلها السياسية والإنسانية، لهذا كنت في بعض الحيان أقوم بإعادة إنتاج أعمال فنية ذات شهرة عالمية لتقديم الرسالة المراد إيصالها. وفي أحيان أُخرى، كنت أمزجُ بين حدثين، أو لنقُل صورتين أو معلومتين، لتشكيل حالة بصرية جديدة، إلى جانب بناء أعمال أخرى جديدة كلياً".
يلفت عفيفة إلى أنه يركّز أكثر على مناقشة الأفكار ومحاولة خلخلة أفكار العدوّ، وليس على مجريات الأخبار، نظراً لكثافة الأحداث وجرائم العدو التي لا يمكن اللحاق في توثيقها من خلال الملصق، مع تهميش كليّ لشخصيات العدوّ عبر تغيير وجوههم، في إشارة إلى عدم الانجرار وراء زيف الحلول المطروحة.
ومجيباً عن سؤال حول دور الفنان في صياغة ثقافة شعبه وهويته وتقديمه للعالم ليكون هوية إنسانية عالمية، يبيّن أنه سعى في أعماله إلى تجاوز مشاعره الانفعالية والعاطفية، ليخاطب العقل الإنساني بكل مكوناته الثقافية، مؤمناً أن دور الفنان يكمن في كسر هيمنة الدعاية الصهيونية، والذي يعني بالتراكم كسر وإرباك روحه المعنوية من خلال خلخلة عقيدة الفكرية ومنتجاتها الدعائية.
ويتابع: "أعمال المعرض من مجموعة منتقاة من رسوم الكاريكاتير التي تم إنجازها بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وبدء حرب الإبادة ضد أهالي غزة، حيث نُشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي بقدر ما أتاحته أيضاً جدلية اللوغاريتمات، وتمّ تصميم اللوحات ورسمها يدوياً بواسطة قلم الرسم الرقمي، وطُبعت على ورق بحجم 50 × 70 سم، كما تتوفر نسخ محدودة موقّعة بخط اليد ومرقمة من 1 إلى 50 نسخة".
في تقديمه للمعرض، يكتب عفيفة: "يبدو لي أن الأحداث في جوهرها صراع طويل وممتد. بدا وكأنّ الأشياء تجادل الأشياء، واللامنطق يجادل المنطق، والكلمات تجادل المعاني، والظالم يجادل المظلوم، والحياة تجادل الموت"، متابعاً: "لا تاريخ محدّد للجدل، إنما الأمر هذه المرّة أن هناك فصلاً أعمق من الجدل يحدث ويترسخ، بين الجدل والحقيقة، بين الثبات وكيّ الوعي، بين الذاكرة والمصير، بين أهل الأرض والمحتلّ، بين الإنسانية وانعدام الضمير. أو ربما لا تاريخ محدّد للجدل، ولكن ثمّة تاريخ لنهاية الجدل".