محمد عبد المنعم.. استعادة تجربة أربعة عقود

09 نوفمبر 2024
من المعرض
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يستلهم محمد عبد المنعم في لوحاته من التراث المصري والأفريقي، حيث يعرض في معرضه الاستعادي بالقاهرة مئة لوحة تلخص مسيرته الفنية منذ الثمانينيات، مع التركيز على الجسد كعنصر مركزي يتسم بالتموج والتشابك.

- تتنوع موضوعات اللوحات بين الأساطير والبورتريهات، حيث تتداخل الألوان الداكنة مع الأجواء السريالية، وتبرز تقنية الأقنعة والرموز الطقسية، مما يعكس تأثير البيئة الأفريقية والسحر.

- في لوحات الطبيعة الصامتة، تتراجع الأبعاد السحرية، لتظهر الحياة اليومية بألوانها الريفية، مع تصوير الأدوات المنزلية والحوائط المهدمة، مما يضفي استقلالية على هذه المجموعة.

تستلفُ لوحة التشكيلي المصري محمد عبد المنعم (1965) موضوعاتها من تراث بلده بأبعادها المحلية والأفريقية، ومن ثم تُؤطِّرها بطاقة تعبيرية واضحة. وهذا ما يُلاحَظ في معرضه الاستعادي الذي افتتح في "غاليري ضي" بالقاهرة، في الثالث عشر من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي واختُتم أول أمس الخميس، حيث قدّم فيه الفنان مئة لوحة لخّصت مسيرته الإبداعية الممتدة من أواسط الثمانينيات إلى اليوم.

الجسد هو أول ما يُطالعنا في اللوحات المعروضة وعلى اختلاف المرحلة التي تنتمي إليها اللوحة، لكنه جسد يبتعد عن التمثيل المُطابق للواقع، هو كتلة تتخلّلها الخطوط المنحنية، لا يبلغ حدّ الانكسار، إنما يقارب حالة التموّج، وعليه نراه ممتدّاً باستطالات على طول اللوحة وعرضها، وقلّما يظهر مُفرداً، بل مشتبكاً بأجساد أُخرى تُقاسمه حالة التموّج أيضاً، وهنا تبدو اللوحة مزدحمةً، حيث كلّ فراغ فيها يمكن أن يُستثمَر لخلق كائن جديد.

محمد عبد المنعم - القسم الثقافي
محمد عبد المنعم أمام أعماله (من المعرض)

وبما أن التراث هو أبرز الأسانيد التي تشتغل في مداها لوحة عبد المنعم، فلا بدّ من الإشارة إلى الأسطورة التي تتدرّج بسطوعها وفقاً لمنازل القمر، فأحياناً يظهر الكائن الأسطوري بين جسدَي رجل وامرأة بعيدين/ قريبين، وتارة يُحلّق فوق ظلالهما، متخذاً هيئة غراب أو حمائم كبيرة الحجم أو حتى كلاباً وقططاً تسبح في الفضاء بجوار النجوم والغيوم، مع أجساد أُخرى هي انعكاس لما يحدث على الأرض من لقاءات.

قاتلو السلام - القسم الثقافي
"قاتلو السلام"، حبر صيني وصبغة وباستيل زيتي على ورق، 1987 (من المعرض)

كذلك البورتريهات لها حصة وازنة بين اللوحات، وفيها تشرب الوجوه ألوانها الداكنة: الأسود والبنّي والأزرق، بفعل تحرُّكها في بيئة أفريقية لا تخلو من السحر، وتبني هذه الرؤية عند عبد المنعم على مزاج سريالي يُوظِّف تقنية الأقنعة بأجوائها الطقسية التي تضجّ بالإشارات، كما يُعيد إنشاء طبعات جديدة من الأساطير القديمة مثل لوحته "الغواية عن إرهاصات الهبوط" التي أنجزها عام 1998، وفيها يمثّل الخروج من الجنّة بلمسات أفريقية.

تتنوّع موضوعات الأعمال المعروضة بين الفضاءات السحرية والبورتريهات والطبيعة الصامتة

أمّا في لوحات الطبيعة الصامتة فتخفّ كلّ الأبعاد السحرية السابقة، كذلك الألوان الداكنة والتموّجات تكاد لا تظهر بشكل واضح، وبالتالي تتصف هذه المجموعة من اللوحات باستقلالية ما، هي ترصد اليومي كما هو، وغالباً ما يكون ذا سمتٍ ريفي، ويشمل أدوات وأغراضاً منزلية كالحقائب والكراسي والأحذية والملابس والسلالم والعُلب الفارغة والحوائط المهدَّمة.

بعد العزاء - القسم الثقافي
"بعد العزاء"، زيت على توال، 1986 (من المعرض)

حصل محمد عبد المنعم على إجازة من كلّية الفنون الجميلة بقسم تصوير في "جامعة المنيا" عام 1988، وماجستير في التصوير من كلية الفنون الجميلة بـ"جامعة حلوان" بعنوان "القيم الإبداعية في التصوير عند حامد ندا" (1995)، والدكتوراه من "جامعة المنيا" عن أطروحته "إبداعية الأداء في التصوير عند ماتيس وبيكاسو: دراسة مقارنة" (2002)، وفي رصيده أكثر من ثلاثين معرضاً تتوزّع بين المحلّية والدولية المشتركة.

المساهمون