ماريسول سالانوفا.. تقنيات من أجل الذكاء الفني
قد تكون آليات ووصفات الإبداع الفني مسألة بعيدة نسبياً عن قسم كبير من المجتمع. فعلى الرغم من استهلاكنا الزائد للمنتجات الإبداعية في الوقت الحالي أكثر من أي حقبة سابقة، وعلى الرغم من حقيقة أنَّ المرحلة القاسية التي شهدتها المجتمعات بعد ظهور وباء الكورونا أظهرت لملايين الأشخاص مدى أهمية المنتج الثقافي والإبداعي في حياتنا، إلّا أنَّ واقع الحال لا يزال يشير إلى أن مفاتيح الإبداع وأدواته ليست متاحة أمام الجميع.
يدفعنا هذا إلى التفكير العميق في التدريب الإبداعي الضئيل أو غير الموجود أصلاً الذي يتلقّاه معظم السكان. وربما يجب أن نسأل أنفسنا كيف يمكن أن يحتل عنصر متأصّل جداً في الإنسان، مثل التعبير الفني، الذي يعدّ إحدى قنوات الاتصال الرئيسية لدينا، مثل هذا الموقع الثانوي في خطط الدراسة الأساسية.
ضمن هذا كله، قد يكون منطقياً أن يتساءل الإنسان عن معنى هذه المنتجات الإبداعية التي تخلق حولها هالة من الطقوس السرية لمعظم أولئك الذين يستهلكونها: ما الذي يمكن أن يكون فناً إبداعياً؟ ومن يستطيع أن يعرّف نفسه كمبدع أو فنان؟ وكيف نستطيع الاستفادة من ذكائنا الإبداعي؟
على هذه الأسئلة وغيرها تُجيبنا الباحثة والفنانة الإسبانية ماريسول سالانوفا (فالنسيا، 1982)، في دراستها الجديدة التي حملت عنوان "الذكاء الفني"، والصادرة حديثاً عن دار "بلاتافورما" الإسبانية. يعتبر الكتاب دليلاً يهدف إلى الكشف عن كل أسرار عالم الفن، ويكون نقطة انطلاق لأولئك الذين لم يجرؤوا على ترك غريزة الإبداع التي يحملونها داخلهم تتدفق.
تقدّم الفنانة الإسبانية في كتابها أدوات معرفيّة يمكن الاستفادة منها من أجل الوصول إلى ما تسميه الذكاء الفني، باعتباره نوعاً من التفكير الذي يقتصر حتى الآن على نخبة قليلة، فكلُّ شخص لديه قدرة معيّنة على الإبداع، والإبداع هو أفضل الطرق للتمتّع بالذات، وهذه هي تحديداً إحدى المزايا التي يجلبها الذكاء الفني، إذ أنّه يكشف لنا عن جوانب رائعة من أنفسنا قد لا نعرفها.
تنطلق الفنانة من الوظيفة التواصليّة التي يجب أن تكون حاضرة دائماً في عمل الفنان، حيث تؤكد أنّه من خلال المظاهر والتعبيرات الفنية يعبّر المبدع أو الفنان عن أفكاره، ويُخبر ما يحدث حوله، ويعبّر بذلك عن أحلامه وآماله النابعة من الأعماق. "لا أحد يشارك المعلومات في الفن، لأن المنافسة شديدة بين الفنانين. علاوة على ذلك، في المدارس أو الجامعات أو معاهد الفن عادة ما تُهمل الأسئلة الأساسية المتعلقة بالفن، أحاول من خلال هذا الكتاب كشف ماهية كل شيء، بدءاً من الفن نفسه، مروراً بالمتحف وانتهاءً بكيفية الاستثمار". تقول الفنانة الإسبانية.
تتناول ماريسول الفن والذكاء الفني من رؤى مختلفة وبشكل كامل، حيث تمزح بين الاختصاصات، لكنّها مع ذلك، تصرُّ على أنَّ الكتاب ليس موجهاً للفنانين فحسب، ولكن للمهنيين والهواة أيضاً الذين لديهم لحظات من الركود الإبداعي أو إلى أي شخص قيل له في المدرسة إنّه لا يرسم جيداً.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
