استمع إلى الملخص
- يتحدث النص عن مشاعر الفقد والألم، حيث يتمنى الشخص نسيان صورة طفله المقتول، ويعبر عن حياة مليئة بالصراخ والإنجاب كوسيلة للبقاء.
- يعبر النص عن الحنين لأصوات الكلاب الطليقة في الوطن، مقارنةً بحياة الكلاب في المدينة، ويعكس الشعور بالغربة والافتقاد للروابط التقليدية.
قال الجاحظ: "إنّ المعاني ملقاة على قوارع الطريق، وإنما يتميز الناس بالألفاظ".
لم تعُد هُنا - يا أبا عثمان - معانٍ مُلقاة على الطريق
الضحايا يملؤونها.
يتحدّثون بلا أفكار
أتسمحُ أن يُصبح الشِّعر فكرةً؟
أن نكتب قصائد نشازاً
لكي لا نصير حجارة الطريق ورملها؟
■■■
"عن شُبّان كثيرين في غزّة يُنشئون محتوى كوميديّاً أثناء محاولتهم النجاة من حرب الإبادة التي لا تهدأ"
سنبكي قريباً
حين تنتهي الحرب وننجو
أما الآن فلنجعل الوجود مَضحَكة.
الموت يخاف الفَرِحين
لن نبكي حتى يرحل
لن نحزن
لن نقبل حُكم العالَم
أنبكي حين يشاء، ونضحك حين يشاء، ونموت كما شاء وشاء؟
لن نبكي حتى يرحل.
■■■
- ماذا تتمنَّى لليوم التالي؟
أن أنسى صورة طفلي مقطوع الرأس
- حسناً، ماذا تتصوّر لليوم التالي؟
سأعيش حياة أبي، أَصرخ كي لا أبكي، أُنجِب كي لا أعيش.
■■■
"الدفاعات الجوّية لجيش الاحتلال تتصدّى لسرب من الطيور في شمال البلاد ظنّاً منها أنها قذائف لبنانية"
"لا يقتل عصفوراً إلّا غشيم"
"ما بيعرفش الطاير من الطايرة".
أَيُمكن أن يصير هذا مثلاً؟
سبعون عاماً لا تكفي
ليفهمَ خَفْق الجناح
لا تكفي لكي يجد له اسماً
لا تكفي ليكتشف المجاز.
ما زال البَرْد على لُبدته،
ورُوحه بعيدة!
تقول خرافة، اخترعتُها:
لا يُؤذن لروح الزائر في بيت يدخله حتى يقول صاحب البيت: أهلاً،
ويَجلس الزائر قبله،
وتُقدَّم فناجين القهوة.
هكذا نحن
نلعب بعاداتنا، وأمثالنا، وضحكاتنا
ونسهر جماعات.
نُسلِّي أرواحنا، نُؤانسُها، ونَأنسُها.
وهكذا الغريب،
يدلّ على نفسه بالغُشم.
■■■
أصوات كنتُ أسمعها هناك
أَشتاق لأصوات الكلاب الطليقة!
تلك التي أَسمعها منتصف الليل؛
تتجادل
تُمازح بعضها
تتناقل المعلومات عن أماكن آمنة للمبيت
تعيش على جبلنا قبل أن نضع حجَراً على حجر.
أمّا هنا فالكلاب تنبح مثلنا في البيوت، وتركب مثلنا القطارات
مُتجهِّمةً مثل أصحابها
تنتظر اقترابك منها حتى تثير لغطاً بلا معنى
توقظ طفلاً ليشارك في حفل الضجيج
وتجذب عيوناً تنضح بالنميمة.
أشتاق لأصوات الكلاب الطليقة!
علّها تشغلني عن صخب تلفاز جاري السكِّير
وتُنسيني أنّي لا أعيش على جبل
ولا أَخاف الآن على أبي منها حين يذهب إلى صلاة الفجر.
أَشتاق لأصواتِ الكلاب
ولكُلّ صوت في الأثير
قبل اعتيادي النومَ بسدَّادة أُذنين
خوفاً من فوات مواعيد الغد، وبلا لهفة لقهوة الصباح.
فلم أعُد أشربها مع الكلاب التي
تأخَّرت مجدَّداً
بعد طلوع الشمس عن الاختباء.
* شاعر فلسطيني مقيم في ألمانيا