في الأول من الشهر الجاري، أعلنت منصّة "قافلة بين سينمائيات"، تعليق جميع عروضها الشهرية، في ظلّ استمرار المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وذلك على غرار العديد من المنصّات والمؤسسات السينمائية العربية، ومنها "مؤسسة الدوحة للأفلام"، و"أفلامنا"، و"المكتبة السينمائية التونسية".
وأطلقت المنصّة الخميس الماضي برنامجاً خاصاً تحت عنوان "أطفال فلسطين بعيون مخرجات فلسطينيات"، يتواصل حتى السادس عشر من الشهر الجاري، ويبدأ بعرض فيلمي "أحلام المنفى" (2001) و"أطفال شاتيلا" (1998) للمخرجة الفلسطينية مي المصري، وهما شريطان يستعرضان حياة اللاجئين الفلسطينيين في وطنهم وفي بلدان عربية.
يمزج "أحلام المنفى" بين الروائي والوثائقي، في تصوير يوميات أطفال من مخيمي شاتيلا في لبنان والدهيشة في فلسطين، مع التركيز على قصة طفلتين هما منى ومنار، في لحظة زمنية تعود إلى بدايات انتفاضة الأقصى، في محاولة لفهم تفاصيل حياتهما وأحلامها وطريقة تفكيرهما بالمستقبل.
وتعود المصري إلى مشهد مؤثر عند الحدود اللبنانية الفلسطينية في الفترة التي أعقبت الانسحاب الإسرائيلي في أيار/ مايو 2000، إذ توجّه الفلسطينيون من مخيمات اللجوء في لبنان باتجاه الحدود، ليروا وطنهم من خلف الأسلاك الشائكة، ويتواصلوا مع أقاربهم الذين أتوا من الجهة المقابلة، حيث لم يلتقوا قبل نحو خمسين عاماً، ويتحدثوا عن تفاصيل حياتهم ويلتقطون الصور الفوتوغرافية بعد عقود من الفراق.
الفيلم الذي يأتي ضمن سلسلة أفلام قدّمتها المخرجة حول أطفال فلسطين، خصّص ريعه بالكامل لصالح تعليم الطفلتين اللتين شاركتا به، وقد تمّ إخراجه بعد ثلاث سنوات من تقديم فيلمها "أطفال شاتيلا"، وتدور أحداثه حول الطفلين، فرح ذات الأحد عشر عاماً وعيسى ابن الاثني عشر عاماً، واللذين يتحدّثان عن المخيم الذي يشبه السجن، وعن حلمهما أن يتخطّيا كل الحواجز والحدود ويعودا إلى فلسطين، كما يرويان علاقتهما مع المكان الذي شهد واحدة من أبشع المجازر على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي وميليشيات لبنانية عام 1982.
يُذكر أن الفيلمين يشكلان ثلاثية مع فيلم "أطفال جبل النار" الذي أخرجته المصري عام 1990، ويقدّم أطفالاً عاشوا خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987 - 1991)، وُصوّرت مشاهده في مدينة نابلس؛ مسقط رأسها، لتوثّق شهادات فتيان وفتيات تستحق اليوم العودة إليها وتأمّلها بعد كل هذا الزمن.