"فلوروسكوبي" لياسمين حسين.. جسم الإنسان موضوعاً فنّياً

16 يوليو 2024
مقطع من أحد الأعمال المعروضة
+ الخط -

دماغٌ بتشكيل يُشبه صور الأشعّة الطبّية، يكشف أدقّ أجزائه وتفاصيله، فوق بيانات وتخطيطات غير واضحة تماماً، في أحد أعمال الفنّانة التشكيلية المصرية ياسمين حسين، التي افتُتح معرضها "فلوروسكوبي" الأربعاء الماضي في "متحف أحمد شوقي" بالقاهرة، ويتواصل حتى السبت المقبل.

المعرض الذي يضمّ أحد عشر عملاً فنّياً، يأخذ عنوانه من مفردة "Fluoroscopy"؛ الكشف الفلوري، وهو طريقة تشخيص باستعمال الأشعّة السِّينية، وقد بدأ استخدامها في الولايات المتّحدة منذ عام 1896. وتحتوي الأعمال تصميمات من كتابات ورموز خاصة، وكذلك أنواع خطوط تمّ تنفيذها على قماش دكّ (قطن ثقيل) وألوان أكريليك مع الأحبار.

انطلقت الفكرة من التعامل مع ورق الأشعّة بوصفه سطحاً للّوحة

في حديثها لـ"العربي الجديد"، تُشير حسين إلى أنّها بدأت العمل على معرضها قبل نحو عامَين، وتتعامل مع المرجعيات العِلمية من خلال المواقع الطبية المتاحة على الإنترنت، وكذلك القيام بزيارات لبعض المختصّين بالتصوير الشعاعي، والأطبّاء، لتفسير بعض الرموز وتعلّم كيفيه قراءة صور الأشعّة بشكل عام، وبالاعتماد على القراءات المختلفة من التقارير الطبّية، والتعرُّف إلى الحالات المرضية والانفعالات التي يُمكن توضيحها في صور مقاطع خلايا الدماغ البشري.

الصورة
من المعرض
من المعرض

تتمعّن الفنّانة في خلايا وتكوينات البنية الداخلية للجسم البشري، التي تتحكّم بالإنسان من الخارج وتقوده إلى التواصل والتفاعل، إذ أرادت تقديم ذلك الإحساس والشعور على سطح اللوحات في سياق التعبير عن الإنسان، لكن بشكل مختلف وليس مجرّد رسوم تشريحية توضّح نسب الجسم الإنساني في أوضاع كلاسيكية، ليتحوّل هذا الموضوع إلى مفهوم فنّي يتنوّع في الشكل والمضمون، كما تظهر الخلفيات بطبقات متنوّعة ودرجات لون مُتباينة، صُمِّمت بأشكال وأحجام وخطوط مختلفة، بحسب قولها.

الصورة
من المعرض
من المعرض

وتبيّن حسين لـ"العربي الجديد"، أنها جمّعت هذه المفردات في تكوينات تُساعد على نقل مفهوم التواصل؛ أيّ التواصل الحركي التفاعلي الإنساني ودمجه مع لغة التواصل الكلامي، وتُشير إليه الكتابات التي من خلالها يتم تواصل الإنسان مع غيره بالوسائط الطبيعية والتكنولوجية، وترجع في النهاية إلى لُغه الكلام التي يدعمها التفاعل الحركي، فالكلام هو العملية التي يتعامل بها الإنسان بواسطة إصدار أصوات ولغات إلى الآخر، أو من خلال تحويلها إلى كتابات ومراسلات تُحيل في النهاية إلى التفاعل والحركة، وهنا تكمن فكرة "فلوروسكوبي".

تعود حسين إلى السنة الأخيرة ضمن دراستها البكالوريوس في كلّية التربية الفنية بـ"جامعة حلوان"، حيث بدأت البحث لعمل مشروع فني مختلف، حيث اختارت أن يكون الجسم الإنساني هو موضوعها الفنّي، وقامت بتجريب خامات متعدّدة للتعبير عنه، وأحضرت ورق الأشعة المتوفّرة لتصميم اللوحة ووضع إضاءة من الخلف والرسم المباشر عليه، حيث تعاملت معه باعتباره التوال، أو السطح الذي وجب التعبير عليه. وتُضيف: "الخامات والأفكار أخذت تتطوّر عبر إنشاء أعمال تجهيز في الفراغ والفيديو، والأعمال التفاعلية واستخدام الوسائط التكنولوجية المعاصرة، محاولةً بذلك توضيح واستغلال ما توفّره التقنية لتحقيق المفهوم من حيث تطوّر العمل الفنّي وعدم وجود حدود له، كما ساهمت الدراسات الأكاديمية والأبحاث المنشورة في هذا المجال، التي اطّلعتُ عليها خلال مرحلة الماجستير والدكتوراه، وكنتُ أجد العديد من الأفكار وتفتّح الأفق تجاه إعداد العمل الفنّي".

الصورة
من المعرض
من المعرض

وتُشير حسين إلى أنّها انجذبت جمالياً حيال ذلك النوع من التصوير، كونه يُوضّح ما يحدث من الحركة في داخل الجسم الإنساني، وطبقاً لذلك يُمكن محاكاة هذا المفهوم الذي يُشير إلى طبيعة وتدرُّجات الحياة للجسم، حيث الحركة هي نوع من التواصل التفاعلي الذي من خلاله يتواصل الإنسان في الحياة مع الكيانات الأُخرى في الكون، وإذا توقّفت الحركة توقّف الإنسان، ويُستخدم هذا النوع من التصوير لرصد حركات الجسم الإنساني الداخلية، متضمّناً بذلك ما يصدر منه من ردّ فعل يساعدُه على التفاعل الكوني، ويظهر أيضاً في الأعمال الفنية نوع من الحركة والتفاعل التي تشير إلى حركة الإنسان، لكن يتمّ إبرازها من خلال التكوينات الداخلية للبنية التكوينية للجسم الإنساني.

يُذكر أن ياسمين حسين وُلدت عام 1989، وحازت درجة الدكتوراه في فلسفة الفنّ من "جامعة حلوان" عام 2022، وتعمل في مجال تقييم وتنسيق المعارض والفعاليات الفنّية، وشاركت في العديد من المعارض داخل مصر وخارجها.

المساهمون