مبادرات ومعارض تشكيلية عديدة تشهدها بيروت منذ أشهر، مُواكَبةً ودعماً من الفنّانين والعاملين الثقافيِّين للموقف المُقاوم ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، سواء في فلسطين أو في جنوب لبنان، الذي يشهد بدوره حرباً صهيونية مفتوحة ضدّ المدنيّين، بالتوازي مع حرب الإبادة المستمرّة في غزّة منذ أكثر من 130 يوماً.
يوم الاثنين الماضي، بدأ "غاليري تانيت" في بيروت، وبمُبادرة من الفنّان اللبناني عبد القادري، بعرض مجموعة أعمالٍ فنّية تُضيء في جوانب منها تفاصيل ومشاهد من الحياة الفلسطينية، حيث من المقرّر أن يذهب ريعُ معروضات المبادرة، التي تُختتم مساء اليوم الجمعة، لدعم أطفال غزّة.
وتحتوي المجموعة على خمسة أعمال، هي: "شجرة الزيتون الأحمر لفلسطين" (2023) لعبد القادري، و"فلسطين" (1991) لفؤاد الخوري، و"أزمنة مُلتبسة: مصير فلسطين" (2022) للمياء جريج، و"حماية المياه" (2023) لعبد الله قاسم، وعمل بدون عنوان (2020) لفادي يازجي.
تُلخّص جداريّة القادري (باستيل على ورق، 268.5 × 261 سم) المشهدَ الفلسطيني منذ ما قبل نكبة 1948، فشجرة الزيتون تُحيل إلى التجذّر بطبيعة الحال، كما أنّها تظهر مُغطّاةً بغلالةٍ حمراء لتضعَنا مُباشرةً وبرمزيّة عالية في قلب ما يُرتكب اليوم في غزّة من إبادات جماعية. كلُّ قطعة من هذا العمل الفنّي هي تفصيل يرمز إلى مذبحة أو جريمة صهيونية بحقّ الشعب الأعزل، مع ذلك تحتفظ الجداريّة بمقدار وفير من الإيحاء، قد تبدو الشجرة صامتة تعبّر من خلال هيبتها ومقاسها الضخم فقط، ولكن المشهد المفتوح من ورائها يقول الكثير.
البحر هو القاسم المشترك بين عملَي عبد الله قاسم وفؤاد الخوري، يُؤثِر الأول تصوير فضاء أزرق مفتوح بين الشاطئ والبحر، في حين يُركِّز الثاني من خلال الأبيض والأسود على الموج المتكسِّر، من دون أن يكون هناك أيّ حضور للعنصر البشري، وليستمرّ الصمتُ المهيب للطبيعة الذي بدأته جداريّة القادري.
أمّا عملُ لمياء جريج، المُنمنم إلى حدٍّ ما، وهو عبارة عن موادّ مختلطة على ورق، فهو يندرج ضمن اشتغالاتها على التاريخ من خلال ثيمة الأرشيف. نقرأ جزءاً من رسالة مكتوبة بالفرنسية مؤرَّخة قبل أكثر من مئة عام، وتبدو فوقها ظِلالُ أشخاص يتحرّكون في اتجاهات مختلفة. وبنفس المِروحة من الألوان وظِلّية العُنصر البشري وتداخُله ذي الملامح الممزوجة، يقدّم فادي يازجي عملَه (40 × 45 سم) المشغول أيضاً بمواد مُختلطة تُوحِي بوجوه لمجموعة أطفال.