يتسلّقُ شجرة

18 نوفمبر 2024
من الأضرار التي تعرّضت لها آثار بعلبك جرّاء القصف الإسرائيلي، 8 نوفمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يتناول النص موضوعات فلسفية وروحانية تتعلق بالوجود والزمان والمكان، مستخدمًا رموزًا واستعارات للتعبير عن الأفكار العميقة، مثل الشجرة التي تثمر خوف الكلمات والشمس التي تدخل بيتها.
- يبرز النص العلاقة بين الإنسان والطبيعة من خلال صور شعرية، ويتناول موضوعات مثل الموت والحياة، مما يعكس دورة الحياة والموت.
- يعبر النص عن ثقل الأحزان والقلوب الفارغة، ويطرح تساؤلات حول الوجود، كما يتناول موضوعات سياسية واجتماعية من خلال الإشارة إلى تأثير القيادة على المجتمع.

إلى غزّة وبيروت

- اخرجْ من وقتك إلى وقت الناس.
أخبرهم عن الشجرة التي تثمر خوف الكلمات.
في كلّ كلمة عين ترصد ما قبلها وما بعدها.

- نزلتُ وادياً نضحَ ماؤه واستطال نباتُه وملأ الفضاءَ طنينُ هوامّه
صرتُ أمشي، كواكب تذوي كما تذوي الأوراق في الخريف
حتى حلّ الليل فوقفت!

- ورثتَ وحياً أوّله في رفرفة جناح وآخره في عين سحلية
يحطّ على قلب من شاء أينما شاء.

*
حملَ الروح بيده ثم نفخ على مرآتها، العينُ في كلّ شيء تنظرُ إليه.
جعلَ الهمزة حقل أسماء وصور، جعل النون محراثاً، والسين سماداً.
دعا الخلق أن ينزلوا: وادي النهار.
قال للشمس ادخلي بيتك حتى يرتفع صراخهم، وتسيل دموعهم وتزهر الحجارة بالكلمات.

*

أنتِ ختمي الذي ختمتُ به على الكائنات
من كسرك كسرته ومن خطّ عليك حرفاً تركتُ له ريشة النجاة
أمّا من بنى قبراً فوقك جعلت كرسيّه على فوّهة بركان

إلى أين تذهب عين الشيء قبل ظهوره؟
إلى أين تذهب عين الشيء بعد ظهوره؟
إلى شَعرةِ ميزان الأبدية
إلى شَعرةِ مفرق الدهر
إلى ختمٍ على شقفة طين
إلى ورق شجر يتساقط في وقته وفي غير وقته
إلى صوت يسبق الكلام في الوجود
إلى كلام يسبق الصوت في الرحيل
وإلى كلام هو كلام ولا كلام.

*

لو رجع هذا الحجاب إلى شجرته، ما كانت الثمار تنقرها الطيور في الطرقات.
لو اهتزّتِ الزهرة من ثقل الفراشة، ما كانت الغابة عيداناً مكسورة تطوّح بها الريح.
لا تقلّب يدكَ على اسم من أسمائه، فيحترق الاسم وترجع اليدُ إلى غصنها.

*

فرقٌ بين طارق باب وفاتح باب.
اختر أين تكون في الباب، 
لكن لا تكن الباب!
السائل واقف بالباب، إن دخل نسي السؤال.

لا تبرح درج السكوت. ذاك حدّك من العلوّ. ذلك مقامك من الجبل.
قف وانظر أيّ مشكاة تحمل. أيّ طريق تضيئه يد الكائن الكامل.
ضع رايتك بين جبلين، واقرأ كتاب الريح.

*

من نقرة في الحجر، تخرج ثلاث زهرات، ثلاثة أصابع وهِلال.
السجّادة دائرية كعين أبدية. فوقها يسترخي ثور مخمور. 
امرأة حول عنقها سيف ذهبي. نهر بين فخذيها،
يسيل في بحيرة السماء.

*

معزةٌ وحصان ينظران إلى صورتيهما في البركة.
مقعدٌ حجريٌّ يُنصت إلى رفيف أوراق الشجرة.
جبلٌ ينفضُ عن جلده غبار اللافندر والزعتر.
خرير جدولٍ يأتي صافياً مثلما تأتي شمس أغسطس.
هل ترى كيف علّق المزارع الحقلَ على غصن شجرة،
ثم جلس رافعاً غربالاً تسقط منه الأماني النحيلة؟!

*

سيبقى الجبل حاضناً السماء.
سيبقى الكلام رؤوفاً بالحقل.
ستأخذ السمكة الشاعر إلى سريره مخموراً.
الموتى ينزلون صورهم عن الحيطان، يجرّون زوارقهم إلى الماء.
دليلهم رنينٌ حزينٌ في آخر الليل.

*

الماءُ لا يذهب إلى أحد. 
حسبه طريق تخرج من سبّابته.
حسبه مِشعَلٌ تراه الكائنات من بعيد.

*

انغرزَ السهمُ في صدر الذئب. 
خائفاً ينظر حوله. لا يرى أحداً.
أيّ يد أطلقت هذا السهم؟
أيّ موت يكون بهذا الألم؟

وجه على حجر،
موت يمشي على قدمين.

مدينة تنام على مجزرة، وليلها يزهر بالكلام.
مدينة بخاصرة واحدة، وشفة تقطر بالخراب.

*

الطائر بلا جناح.
الموجة تسبح في الهواء.
الشجرة تقف على كفّ صبيّة.
خيط نار يمتدّ من عنق المرأة إلى مقبرة.

اقتربْ أكثر
ترى الموت جليّاً على 
زعنفة سمكة.

*

- مِن أين أخذ الرجل ألواح الطين ورعشات الكلمات؟
- مِن قرية تضع الحبق في كأس الشاي.
- كيف إذن جمع الظلال تحت شجرة ورحل؟!
- قال، على القرية أن تغرس ظلالها الجديدة.

- لماذا يضع الغريب زهرةً أمام الكهف؟!
- الكهفُ فم بحرٍ قديم، والزهرة تجعل كلّ سمكة تنهض من موتها.
- لماذا يغرز الغريب أعواد الرتم في الوادي؟!
- كي تزهر بعدد أنفاس الكائنات التي عبرت الوادي.
- كيف فقدتَ أصابعك؟
- وضعتها على قمّة جبل، 
كي تلمس السماء وتداعب وجه القمر.

*

أجلِسوا الحاكم على الكرسي، قالوا له:
هذه الشجرة شعبك
اسقها المحبّة أو 
اسقها الكراهية
إن ماتتْ مات قلبك.

يا لثقل أحزان الغابة!
يا لثقل كلمات الشاعر!
يا لثقل القلوب الفارغة!
يا لثقل اللا شيء!
يا لثقل النظرة العمياء!
يا لثقل تقوّس الخط المستقيم!
يا لثقل دائرة فقدت نقطتها!
يا لثقل خِفّة الكون!

*

- الميت ذاب في ماء الشلّال.
- هذا ما شهد به قنفذٌ آخر الليل.
- ماذا رأيت حين زرتَ البحر؟
- طائراً حول عنقه قلادة حجرية.

*

وقف الغراب على الشجرة.
وقفت الشمس على حجر.
لطّخ الطفل الحائط بالطلاء.
كانت مذيعة النشرة التاسعة قد انتهت من قهوتها.
الطريق إلى الجبل طويلة، والجنود يملؤون المدن.

*

انهض أيّها العاري،
اجمع الموت المتناثر في المدن والبلدات.

*

مفترق طرق.
لا شجر لا بناية لا خيل.
رجل يقف وحيداً وحسب.

*

على قدمه وضع الوليد.
من فم الوليد خرج بشر
عراة
حفاة
يرتعدون.
 

* شاعر من ليبيا
 

نصوص
التحديثات الحية
المساهمون