فريديريك غرو: العار من وجهة نظر فلسفية

08 سبتمبر 2021
فريديريك غرو (فريديريك ستوسان)
+ الخط -

تبدو المشاعر والأحاسيس، في يومنا هذا، كمواضيع تخصّ علم النفس والتحليل النفسي وحدهما، بحيث تصبح مقاربة أيّ فرعٍ آخر من فروع العلوم الاجتماعية لقضايا كالحزن والفرح أو الغضب أو العار مقاربةً "من الخارج"، تنظر إلى حالات حيوية كهذه بوصفها قبل كلّ شيء مفهوماً أو كلمةً فحسب، نقرأها ونتحدّث عنها دون أن نعيشها.

على أن هذه الصورة النمطية لا تصمد طويلاً إذا ما بحثنا في تاريخ الفلسفة، التي يُعَدّ البحث حول انفعالات النفس، والعواطف، واحداً من أقدم تقاليدها وأكثرها استمراراً. تقليدٌ يبدأ مع أرسطو في "الأخلاق النيقوماخية" ويمرّ بابن سينا والفارابي، وصولاً إلى فلاسفة الحداثة، مثل دافيد هيوم، صاحب "الانفعالات"، وانتهاءً بالفلسفة المعاصرة، حيث الكتب التي تتناول الأحاسيس والمشاعر لا تكاد تُعَدّ أو تحصى.

في كتابه "العارُ شعورٌ ثوريّ"، الصادر أخيراً في باريس عن دار "ألبان ميشيل"، ينضمّ المفكّر الفرنسي فريديريك غرو (1965) إلى هذه القائمة الطويلة من المفكّرين المشتغلين على معنى العواطف والانفعالات، حيث يسعى إلى البحث في ما يمكن للعار أن يقوله على الصعيد الفلسفي في يومنا هذا.

العار

يقدّم المفكّر المختصّ بفلسفة ميشيل فوكو العارَ بوصفه إحساساً يطبع عالمنا الراهن، ولا سيّما في شقّه الغربي، حيث الشعور بالعار السياسي والاجتماعي (العار أمام العنصرية، على سبيل المثال)، أو الشعور بالعار من تصرّفات البشر (إزاء الطبيعة والبيئة) باتا من التعابير الشائعة في الكثير من أروقة الحياة اليومية: من أحاديث الشارع إلى الإعلام، مروراً بعالم الناشطين ووصولاً إلى السياسة.

بربطه هذا الشعور بأسئلة كونية واجتماعية وسياسية، يُخرج غرو مفهوم العار من إطاره النفسي ليصبح موضوعاً لنقاش أعمّ، وهو ما يسمح له بالتعريج على حضوره في المدوّنة الفلسفية، وخصوصاً عند ماركس الذي يقتبس منه عنوان كتابه: "العار شعورٌ ثوري"، والذي ينطلق منه لقراءة العديد من الأعمال الأدبية المعاصرة التي يحضر العار بشكل كبير فيها، ولا سيما عند الكاتبتين الفرنسيتين فيرجيني ديبونت وآني إرنو، والكاتب الأميركي جيمس بالدوين.

المساهمون