فرانسيس دينق.. في معضلات الهوية والتنوّع

01 يوليو 2021
أحمد شيرين/ السودان
+ الخط -

استهلّ الدبلوماسي والباحث فرانسيس دينق، حديثه في سمينار "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في الدوحة التي نظّمها عند الثانية عشرة والنصف من ظهر أمس الأربعاء تحت عنوان "معضلات الهوية والتنوّع"، بطرح الأسئلة التي يوجّهها كلّ فرد إلى نفسه حول أصوله وعائلته ووطنه، وهي ترتبط بالتواصل مع الآخرين، وتتمثّل في: من نحن؟ وكيف نشعر إزاء كينونتنا، ثقافتنا، قيمنا؟ 

وأشار إلى أن كلّ مجتمع يشعر بحسّ الكبرياء والفخر حين ينظر إلى نفسه، مع التأكيد أنه حين يتصل الأمر بالتنوّع، فإنه لا يوجد مجتمع أحادي، موضحاً أن مناقشته تتعلّق بموضوع المساواة وانعدامها، وهل يمكن أن يصبح هذا التنوع تعدّدياً، وأن نتصالح مع الاختلافات، للوصول إلى إطار موحّد، وهل يمكن الوصول إلى هوية هجينة تمثّل الجميع.

وتوقّف المحاضر عند العديد من الأمثلة والنماذج التي صادفها وسمع عنها في مهمّاته الدبلوماسية حول العالم، وتبرز مسائل التنوع والاندماج والفشل والنجاح التي واجهته بلدان عدّة، مع التركيز على اختلاف المقاربات التي اتبعت في التعامل مع الهوية التي تعكس جميع المكوّنات دون هيمنة هوية مكوّن على آخر.

حين يُعطى الناس حريتهم يبدأون برؤية الجوانب الإيجابية في هوياتهم،

واستعرض دينق رؤية دولة رواندا التي وصلت إليها بعد حرب أهلية وإبادة جماعية، ووصفها بالمثالية، وتقول إن الروانديين هم مواطنون يمثلون أمة واحدة وشعباً واحداً، وليس ثمة قبائل، مقابل رؤية جارتها بوروندي التي تعتبرها براغماتية وتفترض الواقعية في النظر إلى قبائل الهوتو والتوتسي والتوا (المكوّنين الأساسيين للمجتمع) وإدارة تنوّعها من خلال مشاركتها في مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والجيش.

ولفت إلى أن السودان اختبر هذه النماذج المختلفة من الاندماج إلى استيعاب الاختلاف، ومن ثم الانقسام، وكان ما يحتاجه هو إدارة الاختلافات من خلال الاعتراف بها واستيعابها، وصولاً إلى نموذج يُدمج فيه الجميع، وتطوّر من خلاله مواطن الشبه لبلوغ سودان جديد، لكن ذلك لم ينجح، وهو ينطبق على كلّ بلدان العالم التي تحتاج إلى فهم التنوع في مجتمعاتها.

وأوضح دينق أنه بعد الانقسام إلى دولتين، هما السودان وجنوب السودان، ما زالت كلّ منهما تدعم المتمردين على السلطة في الدولة الأخرى، والتحدي القائم هو في الذهاب نحو التعاون بينهما لحّل مشكلاتهما الداخلية، بدلاً من خضوعهما لمنطق النزاعات والاختلاف، مستعيداً أربعة عناصر أساسية تطرّق إليها في بداية محاضرته، هي: الهوية والتنوع والكرامة والمساواة التي من خلالها يتحقّق الاندماج.

ونبّه إلى أنه حين يُعطى الناس حريتهم يبدأون برؤية الجوانب الإيجابية في هوياتهم، ويعودون إلى ذواتهم، سواء في السودان أو في جنوب السودان، فكلاهما يتكوّن من مزيج متعدّد من اللغات والثقافات، ويمكن رؤية هذه الاختلافات عاملاً في الثراء من خلال فهمها لبناء هوية جديدة تحترم جميع خصوصياتها وتنشئ استناداً إليها المؤسسات من خلال التفاهم على التوافق والتفكير في نموذج للهوية انطلاقاً منه.
 

المساهمون