قبل أربع سنوات، عاد الفنّان التونسي فاضل الجزيري إلى خشبة المسرح التي تركها لأكثر من ثلاثة عقود، وهو الذي اتّجه، منذ نهاية الثمانينيات، إلى العروض الفرجوية التي تعتمد على الفنون الشعبية مثل فنّ المزود والموسيقى الصوفية (عرضا النوبة والحضرة)، والإخراج السينمائي (فيلما "ثلاثون" و"خسوف").
في كانون الأوّل/ ديسمبر 2018، قدّم الجزيري عرضاً مسرحياً بعنوان "كاليغولا" قارب فيها قضايا مثل الاستبداد والحرية والتغيير والاحتلال والسلام. وكان العرضُ نتاج ورشة مسرحية اشتغل فيها مع مجموعة من المسرحيّين الشباب، اعتماداً على النصّ الذي يحمل العنوان نفسه (1938) للكاتب الفرنسي ألبير كامو.
"كاليغولا 2" هو عنوان العمل المسرحي الذي عاد به الجزيري مؤخّراً؛ حيث جرى تقديم عرضه الأوّل في "قاعة الفنّ الرابع" بتونس العاصمة قبل أيّام، وهو عملٌ من إنتاج "المسرح الوطني التونسي" و"شركة الفيلم الجديد"، وأداء كلّ من محمد كوكة، ومحمد بركاتي، وطلال أيوب، ونهى نفاتي، ورحيم بحريني، وإيمان منّاعي، وإشراق مطر، وسليم الذيب.
ضمن فضاء يغلب عليه اللون الأبيض والأجواء الصوفية، تدور أحداث المسرحية. فالمكان هو حمّامٌ تجد ستّ شخصيات أنفسها محاصَرةً فيه بسبب غزارة الأمطار في الخارج. ومع الوقت، تندلع خصومةٌ بينهم، ثمّ لا تلبثّ أن تتحوّل إلى صراع ينتهي بجريمة. وهكذا يتحوّل المكان، الذي يرمز إلى التطهُّر، إلى ساحة قتل.
تمثّل المسرحية، كما يُشير عنوانُها، استمراراً للمسرحية السابقة. وهي بذلك، تواصل في طرح المسائل والقضايا الشائكة نفسها، مُحذّرةً من العنف والاستبداد والاستفراد بالسلطة.. أو بولادة كاليغولا جديدٍ على شاكلة الإمبراطور الروماني الذي اعتُبر أبرز طاغية في التاريخ.