- عاش رشدان حياة مليئة بالإنجازات الفنية، من دراسته للنحت في دمشق إلى تدريسه في السويد، مرورًا بمشاركته في معارض عالمية تناولت قضايا اللجوء والهوية الفلسطينية.
- استخدم رشدان في أعماله مواد متنوعة ورموزًا تعبر عن الحضارة العربية والفلسطينية، مثل منحوتة "إيمان حجو" التي تجسد الطفولة والبراءة في ظل الصراع، مؤكدًا على أهمية الفن في توثيق القضايا الإنسانية.
رحل اليوم الخميس في مدينة مالمو السويدية، الفنان التشكيلي والنحّات الفلسطيني عماد رشدان (1968 -2024) الذي بدأ تجربته ضمن المشهد التشكيلي السوري خلال تسعينيات القرن الماضي، واستحوذت ثيمات الوطن والمنفى ومقاومة الاحتلال على معظم أعماله.
وُلد الراحل في مخيم خان الشيخ بالقرب من العاصمة السورية لعائلة فلسطينية هُجّرت قسراً من قرية عرب الصبيح في الجليل الأعلى عام 1948، ودرس النحت في كلية الفنون بـ"جامعة دمشق" سنة 1992، ثم عمل معلماً للفنون في مدارس وكالة الغوث لسنوات طويلة.
شارك في العديد من المعارض الجماعية والفردية منذ منتصف التسعينيات، حيث وظّف في لوحاته ومنحوتاته عناصر الخط العربي والمنمنمات الإسلامية وغيرها من الرموز التي تعكس الحضارات القديمة في المنطقة العربية للتعبير عن السردية الفلسطينية منذ النكبة حتى اليوم.
غادر رشدان سورية عام 2014 إلى السويد، وعمل مدرباً للرسم والنحت كما درّس في" أكاديمية سنكلير للفنون" بمدينة أوديفالا السويدية، وأدار العديد من ورشات العمل، بالإضافة إلى مشاركته في معارض عدة منها "حكاية الصمت"، الذي قدّم فيه العديد من المنحوتات، في إطار مشروعه "حكايا الأرض ... حكايا السماء"، التي تصوّر تراجيديا اللجوء والفقد والرحيل والتيه والتضحية وغيرها.
تشكل أعمال الفنان توثيقاً بصرياً للعديد من المحطات والأحداث البارزة التي مرّ بها الشعب الفلسطيني خلال العقود الثمانية الماضية، مع تنويع في استخدام الخامات والوسائط مثل الحجر، والخشب، والبرونز والسيراميك، وغيرها.
في منحوتة "إيمان حجو"، يقدّم رشدان الطفلة الفلسطينية ابنة الأربعة أشهر التي استشهدت في السابع من أيار/ مايو 2001، بقذيفة إسرائيلية وهي نائمة بين ذراعي والدتها، وتعد أصغر شهداء انتفاضة الأقصى، على هيئة ملاك مقتول، بينما يجسّد في منحوتات أخرى شخصيات مستمدّة من الميثولوجيا الفلسطينية والسورية القديمة في محاكاة شخصيات ووقائع راهنة.
كتَب السينمائي والكاتب الفلسطيني فجر يعقوب على صفحته في "فيسبوك": ما بين لقائي المصوَّر به في (تغريبة ثقافية) في مخيم اليرموك، ولقائي الأخير به قبل عام تقريباً في مدينة غوتنبرغ، ليحكي عن (ليلة حنة) مرّ حوالي عقد ونصف. لم يكن الأمر في حسبانه أكثر من لغز انتقال من مكان إلى مكان آخر. حدث من قبل أنني حللت مكانه في البيت الذي أقام به في حارة صيدا بعدما التم شمله في السويد. الانتقال من مكان إلى مكان لغز حقاً، وهذا ما فعله لاعب الطين والبرونز الماهر عماد رشدان في نقلته الأخيرة. وداعاً أيها الصديق، فلم يُتح لنا في الصقيع الاسكندنافي أن نطيل كثيراً من لقاءاتنا بالصور".