"عاشق الجنوب" لأحمد سليم: مقاربة لونية للريف المصري

15 يونيو 2024
(من المعرض)
+ الخط -
اظهر الملخص
- معرض "عاشق الجنوب" لأحمد سليم يبرز قوة حضور النساء في لوحاته، معبرًا عن تفاعلهن مع المشهد الطبيعي بطريقة تشكيلية فريدة، وذلك في "المعهد العالي للنقد الفني" بالقاهرة.
- يعكس سليم في أعماله الفنية التراث الشعبي للجنوب المصري، مستخدمًا خطوطًا فطرية وكتلًا غير منتظمة للأبدان، مما يجسد وحدة عضوية بين الإنسان والطبيعة.
- تتميز لوحات المعرض بتدرجات الأزرق والأصفر والوجوه السمراء، محافظةً على تناغم الألوان والخطوط، ما يعكس الألفة بين الطبيعة والإنسان، ويقدم سليم منظورًا متعدد الأبعاد للريف.

حضور النساء بقوّة هو أكثر ما يُميّز لوحات معرض "عاشق الجنوب" للتشكيلي المصري أحمد سليم، الذي افتُتح في الرابع من حزيران/ يونيو الجاري، في "المعهد العالي للنقد الفني" بـ القاهرة، ويتواصل حتى نهاية الشهر الجاري. النساء في هذه اللوحات بنية تشكيلية تُدير وتُحرّك المشهد الطبيعي، ولسنَ فقط متفاعلات معه.

يستكمل سليم (1968)، الذي عُرِف بتمثيله لمشاهد الجنوب المصري في أعماله، وخاصة مسقط رأسه قرية الرمادي التابعة لمدينة أسوان، مشوارَه الفنّي المُؤطَّر بحضور الطبيعة بعناصرها الغنيّة والمُندمجة بتفاصيل الأجساد والشخصيات. هناك وحدة عضويّة، إن جاز التعبير، توحّد بين الطرفين وتُقلّل من التنافُر بينهما، فيعود الجسد الإنساني أليفاً وطبيعياً غير مغتربٍ عن محيطه.

لوحات تنعكس فيها روح التراث الشعبي بانطباعاته المكرّرة وغير المعقّدة

تُقارب لوحات "عاشق الجنوب" المستوى الفطري في خطوطها، وكذلك في إظهار الكُتلة غير المنتظمة للأبدان، ويُمكن إرجاع هذا الطابع العام في أعمال سليم إلى أنّ تمثيلات الريف المصري التشكيلية في غالبيتها قد نحَتْ هذا المَنحى، إنّها انعكاس للفولكلور غير القياسي، وإن تكرّرت فيه ذات المَشاهِد والانطباعات التي لا تدخل على الإطلاق مساحات التعقيد، بل تبقى تُراوِح في إطارها المُباشر.

الصورة
من معرض أحمد سليم - القسم الثقافي
(من المعرض)

لكنّ هذا لا يعني أنّ سليم لا يُفاجِئ الناظر إلى لوحاته، ويكسر المتوقّع أحياناً، حيث ينقلُنا من جوّ نساءٍ بالمُلاءات يجمَعْنَ الماء أو يرقصن، إلى أُخريات يركبن الدرّاجات الهوائية، نحن أمام أجساد ضخمة تُذكِّر، إلى حدٍّ ما، بأجساد التشكيلي الكولومبي الراحل فيرناندو بوتيرو (1932 - 2023)، لكنّها محمولة على روح رشيقة وطاقة فرَح تجعلُها كريشة في هواء، ومن هنا يأخذنا صاحب "التصوير الشعبي النوبي" (2007) إلى الريف بأبعاده المتعدّدة.

أمّا لونيّاً فتظلّ تدرُّجات الأزرق والأصفر، وبطبيعة الحال الوجوه السمراء، هي الأغلب على مركز اللوحة، وفي أحيان أُخرى تتداور هذه المصفوفة المواقع في ما بينها، فنجد أحدها قد استقرّ في الإطار وشغل الآخر المركز منها، مع ذلك فإنّ عملية المزج تحافظ على مقاربة جامعة للخطوط، تُبقِي المسافة بين الألوان على نسَق واحد متآلف. وبهذا نعود إلى الألفة التي توحّد الطبيعة بالإنسان، ونقع على مُعادل لها بين الألوان أيضاً.

الصورة
من معرض أحمد سليم - القسم الثقافي
(من المعرض)

إلى جانب عشرات المؤلّفات والأوراق البحثية، وكذلك المشاركات الدولية والمعارض الجماعية، قدّم التشكيلي المصري أحمد سليم معارض فردية عديدة، من بينها: "تصوير معاصر بين إسبانيا ومصر" في قاعة كلّية الفنون الجميلة بمورسية (2015)، و"من أسوان إلى مورسيه" في "قاعة دروب" بالقاهرة (2016)، و"مدينة البهجة" في "غاليري قرطبة" بالقاهرة (2021)، و"شغف الجنوب" في "دار الأوبرا المصرية" (2023).
 

المساهمون