استمع إلى الملخص
- توضح غنيم تأثير الأجيال الأدبية السابقة على توجهاتها الأكاديمية، وتصف علاقتها بالبيئة الثقافية في الأردن بأنها ضعيفة، مشددة على أهمية القراءة المنهجية في دراسة الأدب الجاهلي.
- نشرت غنيم أعمالها في مجلات علمية وتهتم بالترجمة لفهم الأدب العربي، وتعمل على إصدار جديد يركز على الشعر الجاهلي، وتواصل التدريس في الجامعات الأردنية.
تقف هذه الزاوية من خلال أسئلة سريعة مع صوت جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكتّاب. "العدوان على غزّة أُنعش أدب المقاومة بعد ركود"، تقول الباحثة الأردنية زينة غنيم.
■ ما الهاجس الذي يشغلكِ هذه الأيام في ظلّ ما يجري من عدوانِ إبادة على غزّة؟
- عند إمعان النظر في أمارات القومية العربية في عهدها الأوّل، ومقارنتها بالمشهد السياسي العربي الحالي، ينتابني شعور بخطورة الفجوة الحضارية والفهم القاصر لمضامين تلك القومية؛ فقد كان العرب أكثر وعياً بذلك الخطاب الذي ينبئ عن إدراك سابر لما يتأتّى عنها من قوّة ورِفعة قد يعزّ نظيرها عند سائر الأمم الأُخرى، أمّا في ما يتّصل بالمشهد الثقافي ذي الصلة الوثيقة بما استجدّ من أحداث في غزّة، فقد شهد حركة أدبية نشطة تتّسق والسردية القومية، وتومئ في الوقت نفسه بغور الخطاب السياسي الحالي؛ فأُنعش أدب المقاومة بعد مدّة من الركود.
■ كيف تفهمين الكتابة الجديدة؟
- أجد نفسي بمنأى عن مثل هذه المصطلحات التي يحفّها الغموض، ويحيطُ بها اللّبس، ويحيلنا ذلك إلى أن نتساءل بشكل أو بآخر عن وجود صنوف للكتابة من حيث القِدم والحداثة، ومكمن الاختلاف بين أنواعها. وعلى أي حال، ينبغي للكتابة -عامّة- أن تنبئ عن الخطاب الذي تستقي روافدها منه، على اختلاف أضربه وتعدّدها، بوصفه معيناً لا ينضب للمضامين التي تؤسّس عليها، وأذهب في هذا المقام إلى نبذ مثل تلك المسمّيات الحداثية. فللكتابة امتداداتٌ حضارية وتاريخية لا يمكن فصلها فصلاً تعسّفياً ينقطع به الحاضر عن أواصر الماضي.
■ هل تشعرين نفسك بأنك جزء من جيل أدبي له ملامحه وما هذه الملامح؟
- لا أحفل كثيراً بمثل هذه الفكرة، وأكاد أنأى بفكري عن الإقرار بها. وبرأيي لا يمكن الجزم بأنّ ثمّة جيلاً أدبياً جديداً قد ظهر وتشكّلت له ملامح يتميّز بها عمّا سبقه من الأجيال الأدبية. وقد يذهب بعضُهم إلى أنّي عبرّت في هذا الرأي عن ميولي إلى الكلاسيكية والتراث، إلّا أنّي لم أتنبّه إلى وجود جيل أدبي جديد يضاهي بنتاجه الأدبي الأدباء العرب في العصر الحديث.
القراءة الجادّة أكثر ما قد يُميّز الباحث المشتغل في التراث
■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟
- صلَتي بالأجيال السابقة متينة وقوّية، وأفدتُ منها كثيراً في تحديد توجّهاتي وميولي؛ فقد كان لاتّصالي بمجالسهم الأثر العظيم في انتخابي التراث العربي، لا سيّما الأدب الجاهلي، مذهباً لمسيرتي الأكاديمية، ومن البدهي القول إنّ فيهم تجلّداً وصبراً قد لا نجد لهما رديفاً عند سواهم من الأجيال اللاحقة غالباً، ولا أريد أن أعمّم، إلّا أنّهم بحقّ أنموذج يُحتذى في نهل العلم وتقلّد خير المسالك فيه.
■ كيف تصفين علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟
- أصنّف نفسي في هذا السياق من المقلّين؛ فاتّصالي ضعيف بها، على الرغم من أنّ المشهد الثقافي في الأردن زاخرٌ ونشط. فثمّة مؤسّساتٌ داعمة للأنشطة الثقافية المختلفة.
■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟
- صدر كتابي، الموسوم بـ"جدلية الأنا والآخر في الخطاب الشعري في المفضّليات: تجلّيات البقاء والفناء في الخطاب الشعري لشعراء المفضّليات في ضوء علاقة الأنا بالآخر"، الذي كان في الأصل موضوع رسالة الماجستير، وعمري اثنان وثلاثون عاماً، وفيه درست المفضّليات التي تُعدّ من أعمدة المدوّنة الشعرية الجاهلية، لأتبيّن أمارات خطاب الوجود كما تبدّى عند الشعراء الجاهليّين، استئناساً بأدوات المنهج النفسي.
■ أين تنشرين؟
- أعوّل في انتقائي المجلّات على طبيعة المادّة التي سأعمد إلى نشرها. لي بحثان محكّمان نُشر أحدهما في مجلّة "جامعة ابن رشد" بهولندا، وهو بعنوان "موقف النقّاد القدامى من قضيّة صناعة الشعر: ابن قتيبة وابن طَباطَبا أنموذجاً"، والآخر مقبولٌ للنشر في مجلّة "مجمع اللغة العربية" الأردني، وموسوم بـ"قضية السرقات الشعرية والتناص: إشكالية القراءة والمصطلح". أمّا في ما يتّصل بالمقالات العلمية المتخصّصة، فقد نشرت مقالين في مجلّة "البيان العربي" التي تصدر عن "مجمع اللغة العربية" الأردني، ويتّصلان اتصالاً وثيقاً بدراستي التراث، وهما: "زينة المرأة وما يتّصل بها في جانب من الشعر الجاهلي"، و"الرثاء في شعر ابن الزقّاق البلنسي".
■ كيف تقرئين وكيف تصفين علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟
- يقتضي بحثي في الأدب الجاهلي، بوصفه جزءاً من التراث العربي، أن يكون مذهبي في القراءة قائماً على المنهجية والتنظيم؛ فكيف يمكن لدارس التراث أن يكون بمنأى عن تلك المصنّفات التي تغذّي معرفته بكلّ ما يتّصل به من علوم اللغة، والأدب، والتاريخ، والنقد الأدبي وغيرها؛ فالقراءة الجادّة من أكثر ما قد يتميّز به الباحث الجادّ المشتغل في التراث.
■ هل تقرئين بلغة أُخرى إلى جانب العربية؟
- نعم، أقرأ باللغة الإنكليزية؛ فقد نلت درجة الدبلوم في اللغة الإنكليزية قبل دراستي اللغة العربية، ولا أتوسّل بها كثيراً إلّا في قراءتي طائفة من الدراسات ذات الصلة.
■ كيف تنظرين إلى الترجمة، وهل لديك رغبة في أن تكوني كاتبة مترجَمة؟
- أحتفي كثيراً بمنجزات الترجمة المتّصلة بدراسة طائفة من المستشرقين للأدب العربي، لا سيّما الجاهلي، أو تلك التآليف التي تُعنى بمدوّنة النقد الغربي التي يتوسّل بها الدارسون العرب في إعداد رسائلهم وأطاريحهم التي يلجون فيها إلى دراسة الأدب العربي، في ضوء المناهج النقدية الغربية واتجاهاتها، على اختلافي مع كثيرٍ ممّا جاء في جلّها من سوء فهم لمرجعياتها الفكرية، وقصور إدراك لمعطياتها الحضارية التي تشكّلت إبّانها؛ ما ظهر في تطبيقهم أدواتها في دراساتهم، ذلك إلى جانب دور الترجمة في جلاء فكرة امتداد التراث الإنساني وتفرّع أصوله في الحضارات المختلفة.
■ ماذا تكتبين الآن وما إصدارك القادم؟
- لا يبتعد إصداري القادم عن توجّهاتي المتمثّلة في البحث في الأدب الجاهلي وسبر غوره، ولا أستطيع الإفصاح عنه في الوقت الحالي، إلّا أنّ مداره مؤسّسٌ على فكرة جمع الشعر الجاهلي من طائفة من المصنّفات القديمة، وتصنيفه، ودراسته.
بطاقة
أكاديميّةٌ أردنيّة، وباحثةُ دكتوراة في اللّغة العربيّة وآدابها/ الأدب الجاهليّ، وحاصلةٌ على درجة الدّبلوم في اللّغة الإنكليزيّة، وهي محاضر غير متفرّغ في الجامعة الأردنيّة، وجامعة فيلادلفيا، وصدر لها كتابٌ بعنوان "جدليّة الأنا والآخر في الخطاب الشّعريّ في المفضّليّات".