شجنٌ قرائي

08 يوليو 2024
رجُل فلسطيني يتصفّح كتاباً بين الأنقاض في مدينة غزّة، آذار/ مارس 2024 (Getty)
+ الخط -

مؤسٍ، لقد أصبح الطلّاب يقرؤون أقلّ من ذي قبل، في كلّ بلدان المعمورة.

لم يعُد هناك ذلك الاهتمام الذي كان لدى جيلنا ومَن سبقونا، عندما كنّا على مقاعد الدرس، ونقرأ على ضوء السراج. ليس هناك، اليوم، من فضول لناس هذا الزمن نحو الورق، فهُم أكثر تشتيتاً، بعد وقوعهم في متاهة الإنترنت. لكنّ الحقيقة أنّ حالنا نحن، اليوم، أشبه بحالهم كذلك، خاصّة بعد أن ضاعت مكتباتنا الشخصيّة في كلّ من القاهرة (أربعة آلاف كتاب، أغلبها من سور الأزبكية في أواخر عصره الذهبي بالعتَبة، عام 1983)، ويافا وشمالها وجنوبها (ألفان ومئة كتاب، عام 1989)، ومكتبة الدار في خانيونس (حوالي اثني عشر ألف كتاب، خلال هذه الحرب، حيث جعلوها والدار كلّها ركاماً، في شباط/ فبراير أو آذار/ مارس الماضيين). مع العِلم أنّ الدار مبنيّة على مئتين وخمسين متراً، بطابقين. أي طاحَ أكثر من خمسمئة متر بناء. ولمّا يزل عليّ من ثمنها، خمسة عشر ألف دينار أردني، لم أُسدّدها لأشقّائي وشقيقاتي (استشهدت منهنّ اثنتان خلال المجازر) حتى اللحظة.

"معلِش": لن يكسروا معنوياتنا، مهما كان وسيكون. هُم عدوّنا فكيف نتوقّع منهم توحّشاً أقل، وهُم ما هُم؟

سنبني ونُعمّر. وكما بدأ آباؤنا من الصفر تحت الخيام، بعد أُولى النكبات، سيبدأ أولادنا وبناتنا وأحفادنا وحفيداتنا، من تحت الخِيام عينها، حالُهم حال جميع الأهل في الساحل الجنوبي.

بُوركت سواعد المقاومين، وهُم تاج الرأس وسنام القصيدة للأبد.

وكلّ الشكر لتلك المكتبات الأليفة التي راحت للأبد، فقد أسّستنا وصنعتنا، وجعلت منّا الطيّبين الأوفياء، وهذا يكفيها ويكفينا.


* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا

موقف
التحديثات الحية

 

المساهمون