خلال دورته الحادية عشرة، التي أُقيمت في تشرين الأوّل/ أكتوبر من العام الماضي، أثار "مهرجان سينما الذاكرة المشتركة" في مدينة الناظور المغربية استنكاراً واسعاً ودعوات لمقاطعته مِن قبل فاعلين ثقافيّين وروّاد منصّات التواصل الاجتماعي، بسبب مشاركة الكيان الصهيوني ضمن مسابقته الرسمية، والتي رأوا فيها "تحدّياً صارخاً لإرادة ساكنة الناظور التي تَعتبر القضية الفلسطينية قضيتها المحورية".
هذا العام، لم تحضر "إسرائيل" في المهرجان الذي ينظّمه "مركز الذاكرة المشتركة الديمقراطية والسلم"، لكنّها لم تغب تماماً عنه؛ فقبل أيام من انطلاق فعاليات الدورة الثانية عشرة (افتتحت الإثنين الماضي وتُختتم مساء اليوم السبت)، وجّه ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي اتّهامات لمديره بتلقّي تمويل من الاحتلال، يُضاف إلى ما يحصل عليه من جهات مموِّلة من المغرب وخارجه.
وردّاً على ذلك، نفى مدير المهرجان عبد السلام بوطيب، خلال مؤتمر صحافي، تلقّيه أيّ دعم من دولة الاحتلال، واصفاً الأمر بأنّه "محض شائعات"، ومُضيفاً: "دورة هذه السنة تنعقد في ظروف حسّاسة، وذلك بفعل الحرب في قطاع غزّة. لا يمكن أن نتلقّى أيّ دعم من الجهة التي تُنهي حياة الأطفال".
هذه الجهة التي تقتل الأطفال هي نفسُها التي استضافها بوطيب في دورة العام الماضي وفي دورات سابقة من المهرجان الذي يقول إنّه يهتمّ بـ"القضايا الحقوقية والسياسية عبر السينما"، في سياق تطبيع ثقافي انخرط فيه كثير من المهرجانات الثقافية والفنّية في المغرب، وقد يستضيفها مستقبَلاً.
وخلال افتتاح المهرجان، قال بوطيب إنّ "هناك من يستغلّ غياب الحوار لتدمير أحلام الأطفال والشيوخ والنساء والمدنيّين العزَّل في مناطق الصراع، لا سيما في الشرق الأوسط، وبالذات في فلسطين المغتصبة"؛ وهو تصريحٌ ضبابي لا يُدين جرائم الاحتلال الإسرائيلي صراحةً، بل ينتقد جهةً لا يسمّيها، ولا نفهم إنْ كان المقصود منها هو الاحتلال أو المقاوَمة الفلسطينية نفسها.
هكذا، يبدو حديث "مهرجان سينما الذاكرة المشتركة" أسوأ من صمت "مهرجان مرّاكش السينمائي الدولي" عن الجرائم الصهيونية في غزّة، والذي دفع عشرات من الفنّانين العرب والأجانب المشاركين في دورته العاشرة التي أُقيمت نهاية الشهر الجاري، إلى انتقاده، والتعبير عن تضامنهم مع القضية الفلسطينية.