استمع إلى الملخص
- النص يعبر عن الأمل المستمر في قدرة العالم الثالث على التغلب على التحديات، مهما كانت العقبات والتضحيات، مؤكدًا على أهمية الإصرار وعدم الاستسلام لليأس.
- يشدد الكاتب على ضرورة النضال اليومي لشعوب الجنوب من أجل عالم جديد، مرفوضًا لليأس كخيار، ومؤمنًا بإمكانية تحقيق إنسانية جديدة وعدالة أوسع بعيدًا عن النموذج الغربي.
منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، تلخبطت مواعيد نومي. أحياناً يمرّ نهاران متتاليان من شوك الأرق، وأنا أفكّر في الكيفية التي يُمكن بها لأفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، أن تنفجر انفجارَ قارّات، من أجل كسر قالب ما بعد الاستعمار الغربي بأكمله، مرّة واحدة وللأبد، بحيث لا يعود للمجمّع الصناعي العسكري في الشمال، أدنى تأثير علينا وعلى مجتمعاتنا.
طبعاً، تكون النتيجة، كما يتوقّعها القرّاء الواقعيون جداً: الوصول إلى حائط صدٍّ كلّ مرّة. ليُكن. ثمّة خيوط نور تنادي في نهاية كلّ الأنفاق، حتّى لو ظنّها أولئك القرّاء وهماً. سيظلّ الأمل حول إمكانيات العالم الثالث، قائماً، مهما ارتفعت الأثمان وكلَف الدم، ومهما ضاقت حتى ظنّها عديدون لن تنفرج. إنّ العالم كلّه على حافة الهاوية، وكلّ أناس اليوم موعودة بمستقبل أقل. فلماذا نيأس؟
إذا يئسنا، ضاعَ كلّ شيء ولن نجد جواباً لما يحدث. إذا رفعنا الراية البيضاء، تنتفي الحاجة إلى شقّ طريق عبر الشدائد. إذا تعايشنا مع المذلّة، يتلاشى حُلم اكتساب حياة كريمة، في عالَم غير عقلاني ومُفترس وبه لوثة. إذا سكتنا، نعيش لنكون قطيعاً يُرعى ويُكيَّف.
كلُّ يأس هو انسحاب داخلي لا يخلو من جَلْد الذات. كلّ يأس هو فرصة لعدوّنا نُقدّمها على طبق من ذهب ودم. ممنوعٌ على الجنوبيّين بالخصوص، أن يتعاملوا مع رفاهية اليأس. بل على العكس تماماً، أي بما يعني ضمناً الكفاح اليومي من أجل عالم جديد: أُمميّة جديدة، إنسانية أُخرى غير النموذج الغربي بالأخصّ، لكي تكون حياة صالحة للعيش، سَمِّها ما تشاء. المهمّ أن تتحفّز شعوب تلك القارّات فتبدأ.
* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا