رحيل عبد العزيز المقالح: حياة بين الشعر والعمل الثقافي

28 نوفمبر 2022
عبد العزيز المقالح (1937 ــ 2022)
+ الخط -

لم يمضِ شهرٌ بعدُ على الأمسية التكريمية التي استضافتها "مكتبة قطر الوطنية"، واحتفت، في بداية تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، بالشاعر اليمني عبد العزيز المقالح. وها هو المقالح، الذي تبادل التحيّة مع حضور تلك الأمسية من سرير مرضه في صنعاء، يغادر عالمنا في صنعاء نفسها، عن عُمر ناهز الخامسة والثمانين عاماً.

ورغم وضعه الصحّي، الذي بات أكثر هشاشة منذ عامين، إلّا أن المقالح (من مواليد قرية المقالح بمحافظة إب عام 1937)، لم يقطع مع مَن طرقوا بابه من زوّار جاؤوا لمواساته في مرضه، أو تلاميذ وزملاء وشخصيات جاءت لتكريمه أو حتى للاحتفال معه بالذكرى الستّين لثورة 26 أيلول/ سبتمبر 1962، قبل شهرين، كما نَرى ذلك في صور على صفحته الشخصية في فيسبوك.

على أن هذا العام صادف ذكرى مناسبةٍ أُخرى أساسية بالنسبة إلى الشاعر اليمني الراحل: مرور نصف قرن على صدور مجموعته الأولى "لا بدّ من صنعاء" (1972). مجموعةٌ بدَت في قطيعة مع زمنها من الناحية الفنّية ــ زمن القصيدة الحديثة وقصيدة النثر ــ، لكنّها بِلُغتها وغنائيّتها جاءت وفيّة للأجواء الثورية التي كان يعيشها بلدُه.

منذ ذلك الوقت، أصدر المقالح أكثر من ثلاثين كتاباً، بين مجموعات شعرية ونصوص أدبية ونقدية، كان من آخرها "بالقرب من حدائق طاغور" (دار الانتشار، 2018) و"ذاكرة المعاني" (دائرة الثقافة بالشارقة، 2018).

لكنّ مسيرة صاحب "عبد الناصر واليمن" لم تنحصر يوماً في الأدب والكتابة، حيث عُرف كشخصية ثقافية وسياسية، إذ شغل مناصب عديدة، مثل رئاسته لنحو عقدين لـ"جامعة صنعاء" (1982 ـ 2001)، وكذلك لـ"المجمع العلمي اللغوي اليمني"، وعمله مستشاراً ثقافياً للرئاسة اليمنية، إلى جانب مناصب أُخرى على المستوى اليمني أو العربي. 

تجربةٌ في الإدارة والعمل الثقافي كرّمته عليها، وعلى أعماله في الشعر، مؤسّسات عدّة، مثل "يونسكو" (2002)، و"المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم" (2004)، أو مثل مؤسّسة "سلطان بن علي العويس" التي منحته جائزة الشعر عن مجمل منجَزه (2010).

في الأمسية التكريمية التي استضافتها الدوحة مطلع هذا الشهر، أشار الشاعر والناقد التونسي نزار شقرون إلى هذا الحضور الذي حوّل المقالح إلى شخصية ثقافية تخطر في البال كلّما ذُكر اليمن. يضيف شقرون: "ما إن تقترب منه حتى يتلبّس بك اليمن، ما من فنان أو شاعر جالَسه إلا وكتب نصّاً عن اليمن، وتلك النصوص شهادات حقيقية على صلتهم الوثيقة بالأرض وبشاعر أيقونة، لكأنّهم كتبوا بعينيه".

المساهمون