رحيل جان لوك نانسي.. فعلتُ ما كان عليَّ فعله

24 اغسطس 2021
(جان لوك نانسي)
+ الخط -

مُتحدِّثاً عن شعوره وهو يبلغ الثمانين من عمره في ظلّ جائحة كورونا التي اجتاحت العالَم منذ نهاية 2019، تحدّث المفكّر الفرنسي جان لوك نانسي (1940 - 2021)، في حوارٍ أجرته معه صحيفة "لوموند" الفرنسية صيفَ العام الماضي بمناسبة احتفاله بعيد ميلاده الثمانين، عن الحذر الذي بات يطبع حياته، باعتباره معرَّضاً للإصابة بخطر الفيروس، بالنظر إلى سنّه مِن جهة، ونقص مناعته مِن جهة أُخرى. مع ذلك، اعتبر أنَّ بلوغه سنَّ الثمانين في حدّ ذاته هو أكثر أهمية مِن الفيروس وخطره؛ فـ "فهذه السنُّ ترمز إلى ذروة الحياة. ومنذ الآن، يُمكنني القول إنّني عشتُ وفعلتُ ما كان ينبغي عليَّ أن أعيشه وأن أفعله".

في هذا الحوار، تحدَّث المفكّر الفرنسي، الذي رحل عن عالمنا صباح اليوم الثلاثاء، مطوَّلاً عن وباء كوفيد_19 الذي كان قد خصَّص له كتاباً صدر في العام نفسه عن "منشورات بايار" بعنوان "فيروس بشريٌّ جدّاً"، معتبراً أنَّ التهوُّر الذي يسم الاندفاع في جميع المجالات الاقتصادية، منذ صعود الرأسمالية، إضافةً إلى انعدام المساواة الذي رافق ذلك، عرّضا الإنسانية والتنوُّع البيولوجي إلى خطر، وأنّه لا غنى عن "ثورة العقل" لمواجهة الجائحة.

وكان ذلك الكتاب عمله ما قبل الأخير قبل "أقنعة ماكرون" الذي أصدره خلال العام الحالي عن "منشورات غاليلو" التي صدر له عنها أكثر مِن ثلاثين كتاباً، منذ عمله الأوّل "الملاحظة التأمّلية: كلمة طيّبة من هيغل" (1973)، من ضمن قرابة مئة وخمسين عملاً تنوّعت مواضيعها بين الأدب والسياسة وتاريخ الفلسفة والتحليل النفسي والفن والدين والجنس.

وقبل ذلك، كان صاحب "معنى للعالم" (1993) قد أصدر في 2010 كتاباً بعنوان "الدخيل"، تناول فيه تجربته مع عمليه زرع القلب التي خضع لها في الثمانينيات، ولم تكُن تلك تجربته الوحيدة مع المرض؛ إذ عانى لفترة طويلة من المرض السرطان. لكنّه في التجربتين معاً، لم يتوقّف عن الكتابة والنشر.

تخرج صاحب "حقيقة الديمقراطية" (2008) من قسم الفلسفة عام 1962 في باريس، ودرّس جان لوك نانسي بين 1968 إلى 2004 في جامعة ستراسبورغ التي سيُصبح أستاذاً فخرياً فيها، كما عمل مديراً للبرامج في "الكلية الدولية للفلسفة" بين عامي 1985 و1989. وقد ارتبط بكلّ من جاك دريدا (1930-2004) الذي كان له تأثير كبيرٌ على فكره، وفيليب لاكو لابارت (1940-2007) الذي كان قريباً منه وجمعهما مشروع فكري يُحاول تقديم "فهمٍ للعالم" قدّما خلاله العديد من الأعمال المشتركة.

في السبعينيات، شكّل نانسي ودريدا ولابارت ثلاثياً برز بأعماله التي نحت إلى تجديد الكتابة والفكر الفلسفي. وكان ما يجمعهم هو سؤال المجتمع ومحاولات إعادة صياغته؛ حيث لاحظ الثلاثة انهيار الأساطير والفلسفات والسياسات التي أسّست المجتمعات البشرية في مقابل عدم التخلّي عن فكرة المجتمع. ومن هنا عملوا على إعادة التفكير في الوضع التاريخي الذي أحدثه هذا الانهيار، خصوصاً بعد الشمولية التي عرفها العالم في القرن العشرين.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون