رحيل بيار رابحي: كتابات ضدّ تخريب الكوكب

05 ديسمبر 2021
بيار رابحي في 2011 (Getty)
+ الخط -

وقف المفكّر الإيكولوجي الفرنسي من أصول جزائرية بيار رابحي (1938 - 2021)، الذي رحل عن عالمنا أمس السبت، في نقطة وسط بين الفكر والعلم، ولعلّ ذلك هو ما أتاح له أن يكون أحد أشهر دعاة الحفاظ على البيئة في عالمنا المعاصر، حيث تجمّعت في مدوّنته الخلفيات الفلسفية والعقائدية مع المعرفة العِلمية - العَمَلية. وإضافة إلى ذلك، كان له موطئ قدم في الأدب، بما يعني ذلك من وصول إلى شرائح أوسع من القرّاء.

وُلد المفكّر الإيكولوجي باسم رباح رابحي في واحة بالصحراء الجزائرية، وبسبب الأوبئة والفقر، قرّر والده أن يعهد بتربيته لأسرة فرنسية منذ سن الخامسة، فانتقل إلى مدينة وهران حيث أتمّ دراسته، ومن ثمّ إلى باريس مع انتقال الأسرة عند اندلاع ثورة الاستقلال، وفي فرنسا، بدأت رحلته في علوم الزراعة التي كانت نافذته نحو الأفكار الإيكولوجية.

أوّل مؤلفات رابحي كتابٌ يقع بين السيرة الذاتية والفلسفة والعلم، "من الصحراء إلى سيفين" (1983)، وقد لفت انتباه المنشغلين بقضايا البيئة بقدرته على إدماج الخطاب الاحتجاجي ضدّ ممارسات الإنسان المعاصر على الطبيعة، في لغة أدبيّة بسيطة يمكنها أن تلامس كل القرّاء. سيعرف هذا الكتاب طبعات كثيرة كانت تتزايد مع توسّع شهرة رابحي حين بات، منذ التسعينيات، وجهاً مألوفاً في وسائل الإعلام.

رغم أصوله العربية وانشغاله بقضايا البيئة في العالم العربي لم يُترجم إلى الضاد

بعد ذلك، أصدر قرابة عشرين كتاباً، من أبرزها: "عودة إلى الأرض" (1995)، و"مانيفستو للواحات في كلّ مكان" (1997)، و"الوعي والبيئة" (2006)، و"الإيكولوجيا والروحانيات" (2006)، و"تقارُب الوعي" (2016).

من مفارقات بيار رابحي أنه رغم أصوله العربية، ورغم انشغاله بقضايا البيئة في العالم العربي (أطلق عدّة مشاريع إيكولوجية، أبرزها مشروع إنقاذ واحة شننّي في تونس)، فلم يُترجم إلى الضاد.

في حوار له مع "العربي الجديد" نُشر في 2019، أشار رابحي إلى أنه "ليس هناك طلب" من الناشرين العرب على مثل كتاباته، نافياً أن يكون هذا الغياب متعلّقاً بصعوبة ترجمة مصطلحاته، بما أن أعماله قد وصلت إلى لغات كثيرة غير أوروبية، مثل اليابانية والكورية، وحتى بعض اللغات غير الرسمية في أفريقيا.

أكّد رابحي في هذا الحوار أنّ "على الفكر العربي أن يتحمّل مسؤوليات كثيرة في المسألة الإيكولوجية العالمية، بدءاً بالوضع البيئي الكارثي في المنطقة نفسها، وصولاً إلى كونه في موقع أفضل من أوروبا التي تمثّل أصل المشكل الإيكولوجي العالمي، وتحتاج هي نفسها لبدائل لفكرها باعتبار أن الثقافة العربية لها رصيد من الفكر الزراعي والعلمي، ورصيد من الحكمة، وهذا كله ينبغي توظيفه في المعركة التي يخوضها الفكر الإيكولوجي ضدّ تخريب الكوكب".

الأرشيف
التحديثات الحية
المساهمون