رحل أمس الأحد المترجم والأكاديمي السوداني السر خضر في مدينة ود مدني، الذي سارت تجربته في اتجاهين؛ الأول ترجمة أصوات شعرية وروائية سودانية وكذلك من الأدب العربي القديم والحديث إلى الإنكليزية، ونقل نماذج أدبية من ثقافات غربية مختلفة إلى العربية.
وُلد الراحل في منتصف أربعينيات القرن الماضي، ودرس في كلية الآداب بـ"جامعة الخرطوم" ثم عمل سنوات طويلة في سلك التدريس، وتدرّج من معلم إلى مدير إلى موجّه تربوي، قبل أن يكمل دراساته العليا ويعمل أستاذاً للترجمة حتى رحيله.
في عام 1968، وبينما كان خضر على مقاعد الدراسة الجامعية، ترجم أول نصٍ للعربية، وكانت قصيدة للشاعر الأميركي كونراد أيكين (1889 - 1973)، كما بدأ منذ تلك الفترة نقل نصوص لعدد من الكتّاب السودانيين من أمثال علي المك والطيب صالح إلى الإنكليزية.
وواصل ترجماته في اتجاهين حيث قدّم العديد من المختارات الشعرية السودانية ضمّت قصائد لمحمد عبد الحي، ومحمد المكي إبراهيم، وفضيلي جمعة، ومحمد محيي الدين إلى لغة شكسبير، وجمعها في إصدارات عدّة منها كتاب "الشعر السوداني الحديث" (2018).
كما نشر كتاباً بالإنكليزية ضمّ منتخبات لشعراء عبّاسيين في موضوع الغزل بشكل أساسي مثل ابن الرومي والمتنبي وأبي فراس الحمداني والهمداني، وكذلك أشعاراً لامرئ القيس، ونقَل كتاب "الإسلام والعولمة من منظور إسلامي" للباحث السوداني الطيب علي عبد الرحمن، بالإضافة إلى قاموس الخدمة المدنية، وسبعة قواميس في مجالات مختلفة، واشترك في إصدار ترجمات للشعر الإفريقي والسوداني، كما ترجم مسرحيات وقصصاً قصيرة نُشرت في الصحافة العربية.
في تصريحات صحافية سابقة، يرى خضر أن اللغات في تَغيُّر في إشارة إلى استيعابها مفردات وتراكيب جديدة دائماً، حيث يوجد في اللغة الإنكليزية قاموس به أربعة ملايين كلمة، موضحاً أن الترجمة هي إحياء للنصوص، وهذا يحتاج إلى ثقافة وحس وذوق وعمل خلاق، وإلى نوع المترجم الخلاق الذي يُولِّد المعاني الداخلية.
ويضيف "الترجمة نصوصٌ حية، وليست معبراً يتلاشى، بل هي نسيج واحد لعمل واحد، وماعون شامل لكل العلوم والفنون والآداب والفلسفات، وليست معادلات، ولا نستطيع وضع قوانين للترجمة، ولا يمكن إقصاء مبدأ الذاتية فيها، وخصوصاً ترجمة الشعر".