"ذكريات في الترجمة" لـ دينيس جونسون ديفيز.. عقود من الشغف بالعربية

22 يونيو 2023
دينيس جونسون ديفيز (1922 - 2017)
+ الخط -

في 2017، رحل المترجم والمستعرب البريطاني دينيس جونسون ديفيز في القاهرة، ودُفن بالقرب من بيته في إحدى قرى محافظة الفيوم، بعد أن تجاوز خمسة وتسعين عاماً قضى جلّها في ترجمة نماذج من السرد العربي المعاصر إلى الإنكليزية، إلى جانب اهتمامه بنقل عدد من الكتب التي تعرّف بالإسلام.

جونسون أو "عبد الودود"، الذي وُلد في مدينة فانكوفر الكندية سنة 1922 ودرس الأدب العربي، عاش سنوات طفولته متنقلاً بين السودان وأوغندا وكينيا، وكذلك مصر التي أقام فيها عام 1945، ثم عمل مترجماً في "المجلس البريطاني" لسنوات، قبل أن يعود إليها في منتصف السبعينيات.

عن "المركز القومي للترجمة"، صدرت النسخة العربية من كتابه المعنون بـ"ذكريات في الترجمة.. حياة بين خطوط الأدب العربي"، بترجمة عفاف عبد المعطي ومراجعة محمود محمد مكي، وتقديم للروائي الراحل نجيب محفوظ.

يضيء المؤلّف لقاءاته مع كتّاب أصبحوا أصدقاءه مثل جبرا إبراهيم جبرا ويوسف الخال وتوفيق الحكيم ويحيى حقي

الكتاب، الذي أصدره ديفيز لأول مرة عام 2006، يضيء محطّات قادته إلى الشغف باللغة العربية وثقافتها، ولقاءاته مع عدد من الكتّاب المصريين والعرب الذين أصبحوا أصدقاءه؛ مثل: جبرا إبراهيم جبرا، ويوسف الخال، وتوفيق الحكيم، ويحيى حقي، ولويس عوض، ومحمد مندور، وكذلك ترجمته نصوصاً لغسان كنفاني، والطيب صالح، وزكريا تامر، ومحمد البساطي، وسعيد الكفراوي، وألفرد فرج ويحيى الطاهر عبد الله، ويوسف إدريس، وإدوار الخراط وآخرين.

يروي ديفيز افتتانه برواية "زقاق المدق" لمحفوظ حين قرأها عام 1947، وتردّده إلى مجلس طه حسين الأسبوعي، كما يتوقف عند تبادله المراسلات مع بدر شاكر السياب في فترة لاحقة، وعن لقائهما في لندن حيث رافقه في رحلته العلاجية من المرض الذي لم يُشف منه، ليغادر بعدها إلى الكويت حيث فارق فيها الحياة سنة 1946.

غلاف الكتاب

وفي مقدّمته، يستعرض نجيب محفوظ ستّين عاماً من الصداقة التي ربطته بديفيز، مشيراً إلى الجهود التي بذلها الأخير في ترجمة الرواية والقصة في الأدب العربي المعاصر إلى اللغة الإنكليزية ونشرهما والتعريف بهما، وسعيه الدائم للكشف عن مؤلفين موهوبين، ليس فقط عبر ترجمة رواياتهم وقصصهم ومسرحياتهم وشعرهم، بل من خلال سعيه أيضاً إلى إيجاد ناشرين لهم.

ويتوقف ديفيز عند تأسيسه مجلة "أصوات" في بريطانيا عام 1961، والتي صدر منها اثنا عشر عدداً، وفي تلك الفترة نشط في الترجمة؛ حيث نشر أوّل مجلد بعنوان "القصة العربية الحديثة" (1967)، وأتبعه بترجمات تجاوزت ثلاثين كتاباً، معظمها بجهود فردية، ومن دون أن يتلقّ دعماً من مؤسسة أو جهة رسمية.

كما اشترك مع صديقه الباحث المصري عز الدين إبراهيم في ترجمة الأحاديث النبوية في كتب "الأربعون النووية"، و"الأربعون القدسية"، و"مختصر الكلم الطيب"، وأصدرا معاً كتاب "قراءات من القرآن الكريم" الذي احتوى على ترجمة لمعانيه، إلى جانب ترجمته منفرداً جزءاً من كتاب "إحياء علوم الدين" لأبي حامد الغزالي، وكتاباً عن طباع الحيوان عند الإنسان من منظور إخوان الصفا.

يقدّم ديفيز خلاصة تأمّلاته في الأدب العربي الحديث الذي يلفت إلى أنّه شهد تحوّلات معاصرة، سارداً كيف اجتهد في تعريف العالم عليه، دون إسهاب أو استفاضة أو تضخيم لدوره، بالإضافة إلى حديثه عن واقع الترجمة من العربية إلى الإنكليزية، وجملة التحديات التي واجهته منذ أن قرّر اختيارها مهنة له، وعن ذكريات عيشه في العراق والمغرب ومصر معظم عمره.

المساهمون