"خواكين سورويا من خلال الضوء": الانطباعية في نسختها الإسبانية

21 فبراير 2023
من العرض الافتتاحي للمعرض (بيير فيليب ماركو/Getty)
+ الخط -

لئن تعدّدت المواضيع التي تناولها التشكيلي الإسباني خواكين سورويا (1863 - 1923) في أعماله؛ من بورتريهات ومناظر طبيعية، وصولاً إلى مواقف اجتماعية شتّى، برز فيها العنصر الإنساني جليّاً في بُعدَيه الانطباعي والواقعي، إلّا أن الجامع في كلّ ما سبق من تصويراته التي وقّعها، هو الضوء؛ بوصفه ذلك الخيط الشمسي المُنسلّ من شمس بلاده نفسها. والذي ظلّ حاضراً بكلّ ما أوتي من توهّج، ليميّز أعماله ويَسمها بمسحة خاصة، دوناً عن غيرها من أعمال الانطباعيّين التي بدأت تشهد انتعاشاً في الساحة التشكيلية الأوروبية أواخر القرن التاسع عشر.

"سورويا من خلال الضوء" عنوان المعرض الذي افتُتح يوم الجمعة الماضي، في "القصر الملكي" بمدريد، والذي يُقام لمناسبة الذكرى المئوية لرحيل الفنان، ويتواصل حتى الثلاثين من حزيران/ يونيو المُقبل.

ألوان تستمدّ طاقتها الضوئية من شمس إسبانيا وشواطئها

تتوزّع لوحات المعرض الأربع والعشرين على قاعتين، إلى جانب ذلك - وكما باتت عادة المعارض مؤخّراً - لا يقتصر العرض على التجربة الواقعية فحسب، بل ينقل الزوّار إلى العالم الافتراضي؛ فلمدّة سبع دقائق يمكن أن يتأمّل الزائر، من خلال نظّارات الواقع المعزّز، إحدى اللوحات التي يصوّر فيها بحر بلنسية وشاطئها، وهي المدينة المتوسطية التي وُلد فيها "رسّام الضوء"، ويبدو أنّ جوّها المشرق سيطبع مسيرتَه بخصائص مميَّزة.

ومن بين الأعمال المعروضة، هناك عشرون لوحةً لم يسبق أن قُدّمت للجمهور من قبلُ، حيثُ عَمِل المنظّمون على توليفها من المقتنيات الخاصة بجَامِعي اللوحات الفنية. وفيها يتبدّى أسلوبُ سورويا بتكثيفٍ خاص، حيثُ تمكنُ معاينة أبرز التمثيلات عن المواضيع التي ظلّت تشغله، والطريقة التي قاربَ فيها الانطباعية، مُقدّماً فهمَه الخاص والعفوي عنها، بسبب أنّ إسبانيا - حينها - لم تكن بعدُ قد طوّرت شبكةً من أماكن العرض والغاليرهات كما في عواصم أوروبية أُخرى، الأمر الذي عزّز حضور هذا التيار أكثر في تلك المدن. 

من معرض خواكين سورويا - القسم الثقافي
(من المعرض/ Getty)

أما الحمولة الرومانسية التي يفيض بها أسلوبُه، فلا نجد صداها في البورتريهات وحسب، والتي ظلّت تُشكّل الحصة الأكبر من استلهاماته (بلغ مجموع البورتريهات التي رسمها سبعمئة)، بل قبل أي شيء، نجدها في الطبيعة ذاتها وعناصرها، بما في ذلك الإنسان الذي يُشكّل معها وحدةً متكاملة. وهنا يُلاحَظ أن الألوان عنده، حتى في أقصى دُكنةٍ يمكن أن تصل إليها، مثل الأسود أو البُنّي، تبقى محافظةً على غِلالة من ضوء تستعين بها؛ وإنْ كان مِن منبع يوفّر تلك الطاقة الضوئية التي لا تنفد، فليست سوى الزُرقة التي تنشطرُ إلى أقنومين اثنين: بحري وسماوي.

الجدير بالذكر أنّ المعرض يحتوي أيضاً، على تشكيلة صور فوتوغرافية كان التشكيلي الإسباني موضوعاً لها، ويُتيح لزوّاره نُسخاً من المقالات الصحافية التي تناوله بها النقّاد، وأوراقاً خاصة دُوّن عليها بعض اليوميات بخطّ يده. 

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون